الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتجاوز المرأة المتزوجة مشاعر الحب لطليقها وذكريات الظلم؟

السؤال

عندي مشكلة قديمة، سبّبت لي حزنًا وجرحًا عميقًا؛ حتى بعد مرور عشر سنوات، فقد كنت متزوجة من رجل ظالم، لا يراعي ربنا فيَّ، وكان يهملني، ولا يسمح لي بالإنجاب، كان متكبرًا وحقودًا لأقصى درجة، ومع هذا كنت أحبّه، ومتحملة، وكان يخاصمني بالشهور لأتفه الأسباب.
وفي آخر مرة -قبل أن أترك له البيت- لم يكلمني ستة أشهر، فتعبت نفسيًّا، وتركته، ولكني صالحته بعدها؛ لأنه كان يجعلني أصالحه دائمًا، وأتنازل عن كبريائي، ويعاملني بتعالٍ، وقال: سأرجعك، لكن انتظري في بيت أبيك بعض الوقت، وانتظرته سنتين، فلا هو أرجعني، ولا هو طلّقني، وبعد سنتين طلبت الطلاق، وتنازلت عن كل حقوقي، مع العلم أني كنت أحبّه جدًّا، ولكنه ظلمني في طلاقي أيضًا، فقد اتفق مع المحامي الخاص بي أن يكون هو المدّعِي، وأنا المدّعَى عليها، فلما رأيت ورقة الطلاق حزنت، وقلت للمحامي: لماذا هو المدّعِي؟ فقال: المهم أنك طُلقتِ منه؛ لأنني أعرف أن كبرياءه ليس له حدود، فما يسمح أن يكون هو المدّعَى عليه.
وبعد سنتين من الطلاق تزوّجت من شاب على خُلُق -والحمد لله-، وبسببي أصبح الآن يصلّي، ويصوم، ويراعي ربنا فيَّ، وأنجبت توأمًا -ابنًا وبنتً-ا، وعوّضني ربنا خيرًا.
وقد مضت عشر سنوات على طلاقي منه، ولا زال الألم في صدري، وأبكي بحرقة كأني أعيش في نفس المعاناة، والألم، خصوصًا بعدما عرفت في سنة 2018 أنه تزوّج بأخرى، مع العلم أن كل من يعرف زوجته الجديدة، يقول: إنه ما تزوّج واحدة أفضل منك، فاطمئني، فلا هي محجبة، ولا ملتزمة، ويقولون: كانت تجلس أمام كل رجل بالساعات في مكان عملها فقط؛ لكي يعجب بها، ويتزوّجها، فماذا أفعل بألمي؟ أنا على يقين أني سوف آخذ حقّي -إن شاء الله-؛ لأنه لم يظلمني مرة أو مرتين، بل ظلمني مرات لا تعدّ، وكسرني، وأوصلني للطلاق من غير سبب، وأقول دائمًا: أنا متأكدة أنني سآخذ حقي؛ لأن ظلمه كبير، وربنا أكبر من أن يراني مكسورة، ولا يجبرني.
أعرف كثيرات طلّقن، ولكن حالتهنّ ليست كحالتي، فكيف أتابع حياتي؟
أنا الآن عندي كل النعم التي تتمناها أي زوجة، ولكني -للأسف- لا أجد طعمها.
ومع أني أحتقره بسبب ظلمه، ولكني في نفس الوقت أحبّه، وأدعو ربنا دائمًا أن يجعلني أحبّ زوجي مثله، مع أني أحبّ زوجي، ولكن ليس كحبي له، وهذا ليس بيدي -والله-؛ لأنه كان حبّي الأول، فأرجو منكم أن ترشدوني؛ لأنني تعبت نفسيًّا، وأخاف أن يؤثّر على حياتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعليك أن تتقي الله تعالى، وتشكريه على ما أنعم عليك، وتحذري من كفران النعم؛ فإنّ الشكر سبب للمزيد، والكفران سبب للعذاب الشديد.

ومن شكر النعمة أن تعاشري زوجك بالمعروف، ولا تشغلي نفسك بحال مطلّقك، وأن تصرفي قلبك عن التعلّق به، وتنشغلي بأداء حقّ زوجك، والتقرّب إلى ربّك، وتحرصي على ما ينفعك في دِينك، ودنياك، وترضي بما قدره الله تعالى لك، قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: ففي القلب شعث، لا يلمّه إلا الإقبال على الله. وفيه وحشة، لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته. وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته، وصدق معاملته. وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه، والفرار منه إليه. وفيه نيران حسرات، لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه. انتهى.

وللفائدة راجعي الفتويين: 61744، 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني