الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الطالب رشوة كي لا يحضر محاضرات نظرية لا يستفيد منها

السؤال

أنا أدرس في إحدى الجامعات العربية، ونظام هذه الجامعة أنها تجبر الطلاب على حضور المحاضرات كاملة طوال فترة الدراسة، وهي تستغرق عشرة أشهر في السنة، ولمدة لا تقل عن ست سنوات، ولا تراعي ظروف الطلاب، والمشاكل التي قد تطرأ على الطالب من مرض، أو وفاة أقارب، أو انشغال بأمور أخرى مثل السفر وغيره. حيث إنها حتى مع وجود العذر تقوم بالخصم من درجات الطالب، وإذا قبلت العذر يكون فقط لكي يستطيع الطالب حضور الامتحان، ولكن تخصم من درجات المقرر.
والسبب وراء ذلك ليس لمصلحة الطالب، وإنما ليظل اسم الجامعة مرفوعا؛ حيث إن الطلاب عرضوا فكرة عدم الحضور إلا أنها رفضت. وبالنسبة لي؛ فإن حضوري للمحاضرات تضييع وقتل ليومي، مع عدم الاستفادة من الدكاترة، ومن المحاضرات، حيث إن لدكتور المادة الحق في التأخر كما يشاء. مثلا: المحاضرة الساعة الثامنة صباحا، والدكتور قد يأتي الساعة العاشرة، ويعطي المحاضرة في الوقت الذي يشاء، مع عدم مراعاة وقت ومصلحه الطلاب. ومع هذا كله طريقتهم في إعطاء المحاضرات سيئة لا تناسبني، ولا أستفيد منها بتاتا، وأستطيع في وقتي الضائع في الجامعة دراسة المحاضرة من غير تقصير، والتفرغ لأمور حياتية أخرى.
أنا أعلم أن الرشوة من كبائر الذنوب، ولكن في هذا الموقف، فإنها لا تضر بأحد من الطلاب، وتعينني على تنظيم وقتي، والاستفادة منه بأكبر قدر.
ثم لماذا عندما تفرض الجامعة قانونا معينا يجب عليّ الالتزام به، وكأنه تشريع إلهي، وإذا خالفته أعتبر أني قد أذنبت مع أنه مجحف بحقي وبحق غيري، ولا يراعي مصلحتي، بل مصالحهم فقط. ولا يقبلون النقاش، أو حتى التفاهم على أمور تعين الطالب، وتيسر عليه، والأمثلة كثيرة، لا يسعني ذكرها هنا، ظنا منهم أنهم يفرضون بذلك هيبتهم.
سؤالي يقول: ما حكم دفعي مبلغا معينا لشخص داخل هذه الجامعة؛ ليقوم بتحضيري في كل المحاضرات النظرية دون حضور شخصي مني؟
أعتذر على الإطالة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن لوائح أي مؤسسة موضوعة مراعاة للمصلحة، فتبقى منوطة بها، ولكن النظر في ذلك لا يصلح أن يستقل به كل واحد بحسب ظروفه، ورأيه الشخصي؛ وإلا صارت الأمور فوضى.

وعلى أية حال، وبغض النظر عن التفاصيل التي ذكرها السائل، فقد أجاب على سؤال بنفسه حينما قال: (أعلم أن الرشوة من كبائر الذنوب) وهي كذلك بالفعل، وحسبنا ما ورد فيها من اللعنة.

وأما قول السائل: (لا تضر بأحد من الطلاب ...) فغير مُسَلَّم. فإن هذا لا يتحقق به العدل بين الطلاب، فمن معه المال، ويقبل دفع الرشوة، سيختلف حاله عن الذي لا يريد أن يقع في كبيرة الرشوة، أو الفقير الذي لا يملك ما يدفعه.

هذا مع في هذه الرشوة من الكذب والتزوير، ووضع المال في غير محله، والإعانة على أكله بالباطل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني