الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي لسامع الأناشيد أن يتخذه عادة

السؤال

كثر الكلام حول مشروعية الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية، فالبعض يقول بأن الأناشيد التي تنتشر الآن في الأسواق بأصوات منشدين متعددين مذمومة، فهم يستدلون بفتاوى علماء كبار مثال الألباني رحمه الله، وغيره من العلماء ويعزون الابتعاد عن سماعها إلى أن الجهادية منها تحرض الشباب على الخروج على ولي الأمر، وأن أغلب الأناشيد فيها كثرة التلحين وميل للغناء، مثل ما يعرض على هذه الشبكة، فهل للأناشيد شروط، وما هي حدود الاستماع إليها، أفيدونا بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز للمسلم أن يستمع إلى الأناشيد الإسلامية التي تشتمل على الحكم والمواعظ، والحث على الخير وإثارة الحماس والغيرة على الدين، والتي تشتمل أيضاً على التنفير من الشر ودواعيه، وأما القول بأن الأناشيد التي فيها دعوة للجهاد فهي تحرض على الخروج على ولاة الأمور فهذا غير صحيح لأن القرآن الكريم والسنة النبوية يدعوان إلى الجهاد أيضاً، فلو كان مجرد دعوة بعض الأناشيد للجهاد حراماً، لكان سماع القرآن والأحاديث ومواعظ السلف كذلك، وهذا من أبطل الباطل، ولكن لا ينبغي لسامعها أن يتخذ سماعها عادة له، بل يعاوده الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعي تدعو إليه، ونبهنا إلى هذا لأن كثيراً من الناس صار ينشغل بهذه الأناشيد حتى أنه لا يخشع إلا بسماعها، وإذا تلي عليه كتاب الله تعالى لا يتحرك له ساكن، وإن كان كتاب الله أطهر وأزكى وأبلغ موعظة كما قال الله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر:23]، وقد كان ديدن الصحابة والتابعين لهم بإحسان العناية بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

فالحاصل أنه لا حرج في هذه الأناشيد ما لم تتخذ بديلا عن كتاب الله، أو يشغل العبد بها وقته كله، وأما إذا اختلطت الأناشيد الإسلامية أو أي نوع من أنواع الشعر المعروفة كالحماسة والرثاء والفخر بالموسيقى فسماعها حرام بسبب ما دخلها من أصوات الآلات الموسيقية، وإن احتوت الأناشيد على أصوات تشبه الموسيقى فالذي يظهر والله أعلم عدم جواز الاستماع إليها إذا كان شبهها بالموسيقى قويا، لأن ما شابه الشيء يعطي حكمه، فالموسيقى لم تحرم لكونها موسيقى وإنما حرمت لما يترتب عليها من أثر، فما شابهها شبها قوياً سيؤدي إلى نفس النتيجة، وأما الأناشيد المعروضة على موقعنا فليست كذلك ولله الحمد، وننبه الأخ الفاضل إلى أن مجرد تلحين الصوت والتغني به بكلام مباح ودون مصاحبة آلات محرمة قد اختلف فيه الفقهاء على ثلاثة أقوال:

الأول: التحريم مطلقاً وذهب إليه بعض الحنفية وبعض الحنابلة.

الثاني: الكراهة وذهب إليها الشافعية.

الثالث: الإباحة وذهب إليها المالكية وبعض الحنفية وبعض الحنابلة، وهذا القول هو الراجح -إن شاء الله- وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه في العيد، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر، فقال: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهما فإنها أيام عيد. متفق عليه.

وعليه فالأمر فيه سعة، فلا ينبغي للمسلم أن يضيق صدره إذا اقتنع غيره بغير ما اقتنع به هو، ولا يعني ذلك عدم التناصح والحوار بأدبه للوصول إلى الأكمل والأولى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني