الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من رأى أباه على أمر مكروه

السؤال

إذا كان الأب كبيرا في السن -تسعين عاما تقريبا-، ويرغب في لعب الورقة (الهند) في المجلس بشكل يومي، ويحرج الابن من جعل المجلس للهو لساعات بعد العشاء، خاصة أن الأب يصلي في البيت بعذر أنه نفس الأجر، وأن الصلاة في المسجد مشقة، وتعب في اللبس، والدخول للمسجد.
هل الاستمرار في اللعب حلال وجائز شرعا؟ وهل جعل اللعب أياما محددة في الأسبوع معصية وعقوقا لوالده؟ خاصة وأن اللعب يريح والده، ولكن آثار الجلوس في مكان واحد لساعات يؤثر صحيا على والده.
طبعا لو كان الجلوس بدون لهو ولعب؛ فالأمر طبيعي؛ لأن الأهم راحة وسعادة الأب -حفظكم الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان والدك يلعب بالورق، ويقضي فيه الأوقات الطويلة، فمن بِرِّكم به السعي في إصلاحه، وكثرة الدعاء له بخير، والاستعانة بمن لهم وجاهة عنده ليبذلوا له النصح بالحسنى، ويُذَكِّروه بما هو فيه من السن، وأنه ينبغي أن يكون همه عمل الآخرة، ويبينوا له الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أعذر الله إلى امرئٍ أخَّر أجله حتى بلغه ستين سنة.

قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: فإذا بلغ الستين فقد أعذر الله إليه في الأجل، وجاز من الزمن أخطره. فليقبل بكليته على جمع زاده، وتهيئة آلات السفر. وليعتقد أن كل يوم يحيا فيه غنيمة ما هي في الحساب. خصوصا إذا قوي عليه الضعف وزاد. وكلما علت سنه فينبغي أن يزيد اجتهاده. فإذا دخل في عشر الثمانين فليس إلا الوداع وما بقي من العمر إلا أسف على تفريط، أو تعبد على ضعف. اهـ.

فإن صلح حاله، وانتفع بالنصح؛ فالحمد لله، وإلا؛ فاصبروا عليه، واستمروا في الدعاء له بخير.

وقولك:( وهل جعل اللعب أياما محددة في الأسبوع معصية وعقوق لوالده؟ ) لم نفهم المقصود منه على وجه التحديد، فإن كان المقصود منعه من اللعب إلا لأيام معينة، فليس لك الحق في إجباره على ذلك، وهذا قد يرتب عليه العقوق إن تأذى بهذا المنع، وغاية ما يمكنك فعله هو الإقناع وبذل النصح، فإن استجاب فذاك، وإلا فقد أديت ما عليك.

جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل من أمر الوالدين بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.

وينبغي كذلك نصحه بالصلاة في جماعة في المسجد إن كان يحتمل ذلك ولا يضره، وإن كان يظن استواء الأجر إن صلى في بيته أو صلى في المسجد، فيوضح له خطأ هذا الظن. نسأل الله تعالى له حسن الخاتمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني