السؤال
والدي يتعامل معنا كأطفالٍ صغارٍ، وأنا امرأةٌ في أواخر الثلاثين من عمري، ودائماً يسب، ويختلق المشاكل، ونحاول ـ أنا، وإخوتي ـ إرضاءه ولكن طبعه صعبٌ، وإذا طلب منا شيئاً، ولم نستطع فعله، فإنه يتوقف عن الرد على مكالماتنا، مع العلم أن كلاً منا في دولةٍ مختلفةٍ، فما حكم التواصل معه في حدودٍ، لمنع المشاكل؟ وأيضاً لديه علاقاتُ مع نساءٍ كثيراتٍ، فأيٌ منا يؤخذ بذنبه؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن والدك أمرين، فإن صحَّا، فهو مسيءٌ بذلك:
الأمر الأول: تعامله معكم بجفاءٍ، إضافةً إلى السب، والشتم، والهجر، في حال طلبه منكم شيئاً لم تستطيعوا فعله، ومن المعلوم أن الأصل في الوالد الشفقة على أولاده، وخاصةً البنات منهم، فإن كان تعامله معكم على الوجه الذي ذكرت، فهذا مما يستغرب منه.
فنوصي بالصبر عليه، ودعاء الله سبحانه أن يصلح حاله، ومناصحته بالحسنى ـ ما أمكن ـ ولو بالاستعانة بالمقربين إليه من الأقرباء، فإن صلح حاله ـ فالحمد لله ـ وإلا، فلا حرج في التواصل معه في حدودٍ، تجنباً للمشاكل، من غير قطيعةٍ؛ لأن هذا غرضٌ صحيحٌ، ومصلحةٌ معتبرةٌ، وراجعي الفتوى: 440050.
وينبغي النظر فيما إن كان التواصل معه في حدودٍ هو الأصلح، أم التواصل معه مع الصبر عليه؛ لأننا نخشى أن تكون المفسدة أعظم بالتواصل معه في حدودٍ.
الأمر الثاني: إقامة علاقاتٍ مع بعض النساء، وهذه علاقاتٌ آثمةٌ، فهذه هي المخادنة التي كان عليها أهل الجاهلية، وجاء الإسلام بإبطالها، وتحريمها، قال تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}.
والأخدان: الخليلات.
والأصل أن يؤاخذ هو بجريرته، ولا يؤاخذ بها غيره، قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{الأنعام:164}.
وروى أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا، لا يجني جانٍ، إلا على نفسه.
فلا مؤاخذة على أحدٍ منكم، إلا إذا وجد ما يقتضي ذلك من الإعانة على المنكر، ونحو ذلك.
والله أعلم.