الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الأم في ترك العمل مع الأعمام

السؤال

زوجي يتيم الأب، وله أعمام، وحصلت مشاكل كثيرة بين أعمامه ووالدته، وكانت هناك قطيعة بين الأعمام وزوجي لأكثر من 12 سنة، وأراد زوجي الآن أن يصل الرحم ويتكلّم مع أعمامه، وكان ذلك بموافقة والدته؛ حيث إنها لم تكن ترغب في أن يحدثهم، وبعد أن تم التواصل وصلحت الأحوال؛ اعترف عمّه أنه ظلمهم، وأنه يريد أن يكفّر عن ذنبه، فعرض على زوجي أن يعمل معه براتب جيد، وفرصة جميلة، لكن والدته أصرّت على أنه إذا عمل معهم؛ فلن تكلّمه أبدًا، فما حكم الشرع في ذلك؟ هل يوافق أمّه ويقطع أعمامه ورحمه، أم يعمل مع أعمامه دون علم والدته؟ مع العلم أن أساس المشكلة من أعمامه وأمّه، أي أن كلا الطرفين أخطأ في حق الآخر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسن زوجك بحرصه وسعيه في إنهاء هذه القطيعة، والعمل على صلة رَحِمِه، وإصلاح ما بينه وبين أعمامه، فجزاه الله خيرًا.

فالقطيعة بين ذوي الرحم أمر عظيم وخطير، وكبيرة من كبائر الذنوب، جاءت النصوص ذامّة لها، ومبيّنة أنها من أسباب الفساد، وسخط رب العباد، ويمكن مطالعة الفتوى: 13912.

وإن كان قد قطعهم طاعةً لأمّه؛ فقد أساء بذلك؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في الصحيحين عن علي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

وإن كان هذا العمل الذي دعاه إليه عمّه عملًا مباحًا، ورغب زوجك في هذا العمل؛ فلا حرج عليه في الالتحاق به، ولا يلزمه طاعة أمّه، إن لم يكن لها مصلحة في ذلك، أو يخشى أن يلحقه ضرر بعدم القيام بهذا العمل؛ فطاعة الوالدين لا تجب بإطلاق، وإنما تجب فيما فيه نفع لهما، ولا ضرر على الولد، كما أوضحنا في الفتوى: 76303.

وينبغي أن يسعى في إقناع أمّه بالسماح له بالعمل، فإن لم تقتنع، فلا بأس بأن يعمل بغير علمها؛ ليتّقي غضبها.

ولو قدر أن رجح أن يؤثر رضا أمّه وعدم العمل مع عمّه؛ فعليه أن يبقى على صلة مع أعمامه؛ لأن القطيعة لا تجوز، كما أسلفنا.

وليجتهد في أن تبقى العلاقة بين أمّه وأعمامه على وفاق، وعدم قطيعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني