الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَن طلب مِن الله تعالى أن لا يغفر له إذا رجع لفعل شيء معيّن

السؤال

طلبت من الله أن لا يغفر لي إذا رجعت لشيء وفعلته، فما حكم ذلك؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شكّ أن الدعاء المذكور مخالف لما جاء به الشرع:

أولًا: من جهة أنه داخل في الدّعاء على النفس؛ لأن من لم يغفر الله له عذّبه، نسأل الله العفو والعافية؛ فكأنك سألت الله أن يعذّبك، وقد جاء النهي عن الدعاء على النفس، كما في الحديث: لا تدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاء، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم.

وثانيًا: من جهة أن الشرع جاء بطلب المغفرة من الله تعالى، وسؤاله العفو والعافية، قال الله تعالى: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة:199}، والآيات في هذا كثيرة.

وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل قال له: علّمني، قال: قُلْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي. رواه مسلم، وأحمد، واللفظ له.

فسؤالك الله بأن لا يغفر لك إن عُدتَ للذنب، هذا مخالف للشرع، وجهل بعفو الله.

وكان ينبغي لك أن تكرّر الاستغفار كلما وقعت في الذنب، كحال ذلك الرجل الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه كلما أذنب استغفر، وقال في المرة الثالثة: رَبِّ أَصَبْتُ -أَوْ قَالَ: أَذْنَبْتُ- آخَرَ، فَاغْفِرْهُ لِي. فَقَالَ الله تعالى: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ. والحديث رواه مسلم.

قال ابن مفلح -الحنبلي- في الآداب الشرعية: «فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» مَعْنَاهُ: مَا دُمْتَ تُذْنِبُ ثُمَّ تَتُوبُ، غَفَرْتُ لَكَ. اهــ.

فاستغفر الله -أخي السائل- ولو تكرّر منك الذنب، ولا تدعُ على نفسك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني