الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الابن نكاح فتاة لا يرغب بها ليس من العقوق

السؤال

أراد أبي أن يجبرني على الزواج من ابنة عمتي، ولم أقبل؛ لأنني تربيت لدى عمتي، وأعرف الكثير عنها، وعن كيفية تربيتها. زوجها مسافر، وهي من تربي الأولاد على طريقتها، ولذلك رفضت. وفجأة أتى إلي أبي وقال: لديك ثلاثة أيام إما أن تقبل، أو تترك بيتي. بعد أن حرضه زميله، وقال له إن عادتنا لا تقبل هذا الرفض. ولم أستغرب؛ لأني كنت على يقين من هذا. للأسف تلك هي عادته، لقد طرد أخي الأكبر مرارا، وأخي الأصغر كذلك، وطردني أكثر من مرتين! يقول: افعل كذا وكذا وإلا اذهب إلى حيث تشاء.
أنا في 24من العمر، ولا أعلم أي خبر عن أمي، والسبب نفس الشيء، كما يقول: إنه لم يكن لديه رغبة بالزواج من أمنا، وأمي كانت كذلك، لكن أجبرهم كبارهم على الزواج، وانتهى الأمر بالطلاق. وعندما كنت في السنة الثانية من العمر تركتني أمي وذهبت، وإلى الآن لم أر وجهها.
قلت أتكلم مع أبي لعل. قال لا، افعل ما أريد، وإذا مت فافعلوا ما تريدون. وبعد أن تم موعده طردني. والعجيب من هذا أن أبي صاحب مدرسة ومديرها، وإمام مسجد. لكن للأسف الشديد إن تماديت فسأبوح بشيء، ولا أود ذلك.
هل بهذا أكون عاقا إن لم أعد إلى بيته إلا للزيارة؛ لأنه يريد مني أن أبايعه على ألا أخالف أمره مهما كان، وأخشى عواقب البيعة على ذلك؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حق لأبيك في إجبارك على الزواج بامرأة لا تريدها؛ وطاعته في هذا الأمر غير واجبة عليك، وإذا خالفته فيه لا تكون عاقا له بهذه المخالفة.

قال ابن تيمية رحمه الله: لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ، وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ، كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَةً سَاعَةً، وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِن الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ يُؤْذِي صَاحِبَهُ كَذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُ فِرَاقُهُ. انتهى.

فلا يلزمك أن ترجع إلى البيت وتعاهد أباك على ما يريد، ولكن عليك زيارته والإحسان إليه بما تقدر عليه من المعروف من غير إضرار بنفسك. فإن حق الوالد عظيم، ولا يسقط حقه على الولد بظلمه له، أو إساءته إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني