السؤال
كنت أمارس مهنة محرمة، وقد بنيت منزلًا بالمال المكتسب منها، وسكنت فيه أنا وإخوتي وأمي، وللعلم لم يكن لديّ منزل أسكن فيه.
ثم أنار الله بصيرتي، وتبت من الغناء، ومن المعاصي، وتركت كل شيء لله -عز وجل- ولم يبق لي من هذا المال الذي كسبته من مهنتي المحرمة سوى سيارتي الشخصية، وهذا المنزل.
هل أبيع المنزل والسيارة، وأتصدق بثمنهما، أو عفا الله عما سلف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي رزقك التوبة والإنابة إليه، ونسأله لك الثبات، وأن لا يزيغ قلبك بعد إذ هداك، وأن يهب لك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.
وأما ما سألت عنه حول السيارة والبيت اللذين اشتريتهما بما اكتسبته من العمل المحرم، الذي كنت تمارسه قبل أن يُنوِّر الله بصيرتك، ويهديك إلى التوبة منه.
فجوابه: أن هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى لزوم التخلص من قدر ما اكتسبه المرء من العمل المحرم، بدفعه للفقراء والمساكين.
وقيل إن كان قد أقدم على العمل جاهلا بحرمته ثم تاب، فلا شيء عليه. ولا يلزمه التخلص مما اكتسبه منه، بخلاف ما لو كان قد ما رسه عالما بحرمته، فهنا يلزمه التخلص مما اكتسبه منه.
واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أن من اكتسب مالا من عمل محرم، ثم تاب، فله ما سلف، ولا يلزمه التخلص من شيء منه.
قال المرداوي في الإنصاف: واختار شيخنا فيمن كسب مالا محرما برضا الدافع، ثم تاب، كثمن خمر، ومهر بغي، وحلوان كاهن. أن له ما سلف للآية:{فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله} [البقرة: 275]، ولم يقل الله: فمن أسلم، ولا من تبين له التحريم.
وقال أيضا: لا ينتفع به، ولا يرده لقبضه عوضه، ويتصدق به..." انتهى.
وبناء على اختيار شيخ الإسلام، فلا حرج عليك في الانتفاع بالبيت والسيارة، ولا يلزمك التصدق بثمنهما، ولا سيما مع حاجتك وفقرك.
ونسأل الله لك الثبات على الحق، وأن ييسر لك أمرك، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب.
والله أعلم.