الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبل الوقاية من الشيطان والنفس والهوى والدنيا

السؤال

اكتشفت مع التفكير، ونصيحة الأهل، أني ضعيفة ضد الشيطان والنفس والهوى والدنيا.
فكيف أَتَقَوَّى ضد هؤلاء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله -تعالى- لك صلاح القلب، وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك لكل خير.

وبخصوص الأشياء التي ذكرتها، فإنها أعداء للإنسان، فيتعين عليه الحذر منها، ومدافعتها حتى يسلم منها.

قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين: أعداء الإنسان ثلاثة: دنياه، وشيطانه، ونفسه. فاحترس من الدنيا بالزهد فيها، ومن الشيطان بمخالفته، ومن النفس بترك الشهوات. اهـ.

فأما الشيطان فقد ذكر الله -تعالى- عداوته للإنسان، وحذر منه، حيث قال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6}.

وقال تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة:91}. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي توضح عداوة الشيطان للإنسان، وأنه له بالمرصاد.

ومن الوقاية من كيد الشيطان: قمعه بالاستعاذة، والذكر. وراجعي التفصيل في الفتوى: 345907

كما حذر الله -تعالى- من اتباع الهوى في قوله: وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ {ص:26}.

والسلامة من الهوى تكون بمخالفته، والالتجاء إلى الله تعالى، والركون إليه، وانظري الفتوى: 138704وهي بعنوان: "بيان علاج اتباع الهوى والشهوات"

أما النفس فإنها أمارة بالسوء، كما قال تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [يوسف:53].

فمجاهدة النفس تكون بحملها على فعل ما تكره حتى تعتاده وتألفه، فهي تحب المعصية، فجاهديها حتى تتركها، واحمليها على الطاعة بلين ورفق وأناة، حتى تستقيم.

وشرط المجاهدة الاستعانة بالله -تعالى- والإخلاص له، فمن استعان بالله وأخلص له، وصدق في مجاهدة نفسه؛ فإنه لا يكاد يخيب بإذن الله، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.

وانظري الفتوى: 299665، وهي بعنوان: "فضل مجاهدة النفس، وطرق تهذيبها"

وأما الدنيا فالوقاية من تبعاتها تكون باستحضار ذم الله -تعالى- لها، والتحذير من الركون إليها، والاشتغال بها عن ذكره -سبحانه- حيث قال: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {النجم:29}.

مع أن الدنيا لا تذم بإطلاق، وإنما تذم لما تجر إليه من معصية الله تعالى، وإلا فهي قنطرة الآخرة، والسبيل لتحصيل السعادة الأبدية فيها. وانظري الفتوى: 162411.

وعن حقيقة الزهد، راجعي الفتوى: 146249

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني