السؤال
اشتركت مع قريب لي في إنشاء ورشة حرفية، حيث ساهم هو بالمال، وأنا بحرفتي، وتسيير الورشة، واتفقنا على مناصفة الأرباح، وسؤالي هو: أنني أقوم ببعض الأعمال خارج الورشة، حيث يتصل بي زبون لتقديم الخدمة له، وأخذ الأجر، دون أن أعطي شريكي أي شيء، فهل هذا جائز؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الشركة قائمة على أن الورشة ملك لقريبك، وتقوم أنت بالعمل فيها، والربح مناصفة بينكما، فمثل هذه الشركة تصح على مذهب الحنابلة، خلافا للجمهور.
قال ابن قدامة في المغني: إن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها، وما يرزق الله بينهما نصفين، أو أثلاثا، أو كيفما شرطا، صح، نص عليه في رواية الأثرم، ومحمد بن أبي حرب، وأحمد بن سعيد، ونقل عن الأوزاعي ما يدل على هذا، وكره ذلك الحسن، والنخعي، وقال الشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي: لا يصح، والربح كله لرب الدابة؛ لأن الحمل الذي يستحق به العوض منها، وللعامل أجر مثله؛ لأن هذا ليس من أقسام الشركة، إلا أن تكون المضاربة، ولا تصح المضاربة بالعروض، ولأن المضاربة تكون بالتجارة في الأعيان، وهذه لا يجوز بيعها، ولا إخراجها عن ملك مالكها... ولنا، أنها عين تُنمَّى بالعمل عليها، فصح العقد عليها ببعض نمائها، كالدراهم والدنانير، وكالشجر في المساقاة، والأرض في المزارعة، وقولهم: إنه ليس من أقسام الشركة، ولا هو مضاربة، قلنا: نعم، لكنه يشبه المساقاة، والمزارعة، فإنه دفع لعين المال إلى من يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها، وبهذا يتبين أن تخريجها على المضاربة بالعروض فاسد؛ فإن المضاربة إنما تكون بالتجارة والتصرف في رقبة المال، وهذا بخلافه. اهـ.
وانظر للفائدة الفتاوى: 74930، 63067، 29854.
وعلى ذلك، فإذا كان الاتفاق بينكما على هذه الصورة وقلنا بصحتها، فليس لمالك الورشة إلا ما عملت فيها، أو بآلتها، وأما ما عملت خارجها، وليس بآلة يملكها قريبك، فأجرته خالصة لك، على أنه يجب مراعاة الاتفاق بينك وبين قريبك فيما يخص وقت العمل، وكيفية إدارته، ولو أعلمته بعملك خارج الورشة لحساب نفسك، كان أسلم لك، وأبرأ لذمتك.
والله أعلم.