الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل في زواج الفتاة من شاب في بداية تأسيس حياته إذلال لنفسها؟

السؤال

تقدم لي شاب للزواج، ومن جنسية غير جنسيتي، لكنها معروفة في بلدي جدا، ومن عائلة معروفة، وهو صاحب خلق ودين، نشيط وطموح. ولديه خطة مستقبلية للسفر، وإكمال دراسات عليا، وقد بدأ في الخطوة الأولى لذلك.
يوجد فرق سنة بيننا، وأهله مقتدرون ماديا، وقد عمل في نفس العمل لمدة أربع سنوات، وهو مسؤول، ومعتمد على نفسه.
أهلي لا اعتراض لهم على الشاب، لكن اعتراضهم على افتراضهم لعدم تحملي لظروفه؛ لأنه لا زال في بداية تأسيس حياته.
أما عني؛ فأنا قد أعجبت به وبخلقه وبشخصيته، وقد وعدني أنه سيتحمل مسؤوليتي، ويعمل على إسعادي، وأنه سيخاف الله فيّ، وأنه من المستحيل ألا يعمل جاهدا لإيجاد عمل.
أنا أرى أن لديه مستقبلا باهرا أمامه، ومن الممكن بالفعل أن تكون البداية صعبة.
أرجو نصيحتي في الاختيار هل ينطبق عليّ حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه؟
أو أستمر في الموضوع، وفي عفة نفسي والزواج منه؛ لأن أهلي تركوا الخيار لي، مع توضيحهم لي أسباب تخوفهم تجاهه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الشاب على هذه الحال، فإننا ننصحك بالزواج منه، وذلك لاعتبارين اثنين:

أولهما: أنك قد ذكرت أنه صاحب دين وخلق، وهذا يعني كفاءته؛ فالراجح من أقوال الفقهاء أن الكفاءة المعتبرة هي الدين والخلق؛ لما ثبت عند الترمذي وابن ماجه من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

قال ابن القيم في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه -صلى الله عليه وسلم- اعتبار الكفاءة في الدين أصلًا وكمالًا، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك. انتهى.

والثاني: أنك وصفتِه بجملة من الصفات الطيبة التي ترغب في قبوله خاطبًا كنشاطه، وطموحه، وهمته، فالمرجو من مثله أن يقدم على الزواج وهو قادر ماديًّا على تكاليف الزواج، ويستطيع أن يوفر لك نفقتك.

ثم إن نصوص الشرع قد دلت على أن الزواج من أسباب الغنى، قال -تعالى- في محكم كتابه: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}.

وليس في قبولك الزواج منه إذلال لنفسك، وقد تزوج بعض الصحابيات من بعض فقراء الصحابة فسعدن معهم، ومن ذلك قصة جليبيب -رضي الله عنه-، وتزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- له من فتاة من الأنصار، وهذه القصة ثابتة في مسند أحمد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني