السؤال
سؤالي حول ليلة القدر، حيث رجح ابن حجر بأنها تنتقل في العشر الأواخر كلها. فهل يتعارض هذا الرأي مع كون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يريد الإخبار عنها، وتعيينها لولا تخاصم الرجلين؟
إضافة لرواية رؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يسجد صبيحتها في ماء وطين؟
أليس في هذه الآثار ما يدل على أنها محددة في ليلة بعينها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالجمع بين الأحاديث المختلفة الواردة في ليلة القدر، يقتضي أنها تنتقل في ليالي العشر الأواخر من رمضان، وهو قول أكثر أهل العلم.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا لَيْلَةً مُبْهَمَةً مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ...
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: إِنَّهَا تَنْتَقِلُ فَتَكُونُ فِي سَنَةٍ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَفِي سَنَةٍ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ، وَسَنَةٍ لَيْلَةَ إِحْدَى، وَلَيْلَةً أُخْرَى، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ فِيهَا. انتهى.
وقد نقل الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري أقوالَ العلماء التي وقف عليها في بيان ليلة القدر، وبعد أن انتهى من ذكرها وعَدِّها، قال: وَأَرْجَحُهَا كُلِّهَا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَأَنَّهَا تَنْتَقِلُ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ. انتهى.
وأما الأحاديث التي يفهم منها تعيين ليلة القدر في ليلة محددة؛ فالجواب عنها أنها كانت كذلك في تلك السنة بعينها، لا أنها مستمرة على هذا النحو كل السنين.
وقد أفاد ذلك الحافظ ابن حجر في شرحه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا -أَوْ نُسِّيتُهَا- فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوَتْرِ.
قال الحافظ: قَوْلُهُ: ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نَسِيتُهَا، شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ... وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ أُنْسِيَ عِلْمَ تَعْيِينِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ. انتهى.
والله أعلم.