الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتعامل مع أخيها الذي أعطته مالها ليستثمره لها فأنفقه على دراسته؟

السؤال

أخي الأكبر أخذ جزءًا من ميراثي بهدف استثماره، وإرسال مبلغ شهري لي؛ لأنني لا أعمل. ثم اكتشفت أنه أنفق المال على دراسته، ولم يستثمره ولم يَرُدَّه، وهو مقتنع تماما أن من واجبي الوقوف معه، وأنه لم يخطئ بحقي.
والدتي طول الوقت تطلب مني أن أسامحه، وأحيانا تضغط عليَّ بأن من الممكن أن لا يتقبل الله صيامي ودعائي لو لم أكن قد سامحته من قلبي.
طلبت منها أن لا تخبرني أي شيء عنه وعن ظروفه، وأني لن أقطع رحمه، ولكني سأجعل العلاقة سطحية، ولكنها دائما تصمم على أن تكلمني عن ظروفه المادية الصعبة، وتدخلني في حياته.
فهل أنا مخطئة في أن تكون علاقتي به سطحية منحصرة في السلام، والتهنئة في الأعياد، والمقابلات في المناسبات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان أخوك قد تصرف في هذا المال من غير رضاك، فلا شك في أنه قد أتى منكرا، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29}.

وثبت في مسند أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

وليس من حق أمك إلزامك بمسامحته، أو التنازل عن هذا المال، بل لك الحق في مطالبته به.

ولو أنك سامحته بِرًّا بأمك، وصلة لأخيك، فلعل الله -عز وجل- يعوضك عن ذلك خيرًا، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله -جل وعز- إلا أعطاك الله خيرا منه.

وما ذكرتِ من التعامل مع أخيك في حدود معينة؛ كإلقاء السلام، ورده، والتهنئة في الأعياد والمناسبات، يرجع إلى العرف في تحديد كونه صلة أو قطيعة؛ فقد نص الفقهاء على أن أمر الصلة والقطيعة يرجع فيه للعرف، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 108442.

وعلى كل؛ فاجتهدي في سبيل جعل التعامل معه بصورة عادية، كما تبتغي أمك؛ لتكسبي رضاها، فعاقبة ذلك خير -إن شاء الله-.

روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني