الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بعد جني الزيتون قُمنا بتحصيل 195 لترا من الزيت، يعني قد بلغ نِصاب الزَّكاة. وقامت أُمّي بتحصيل 40 لترا عندما قامت بجني أشجار زيتون أحد أقاربِنا واتفقت معه على قسمة المحصول على اثنين، مُقابل خِدمة الجَنْي.
فهل إخراج الزّكاة يكون من الزّيت الذي حصلنا عليه من جني أشجار بيتِنا وهو 195 لترا، أو يجب أن نحتسب معها الأربعين لترا التي حصلت عليها آُمّي من جني أشجار زيتون قريبِنا، ونُقدّر قيمة الزّكاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا زكاة على أمك في الزيت الذي أخذته نظير خدمتها في جمع حصاد أقاربها؛ لأنه لا زكاة على ما يأخذه الأجير من الزرع أو الثمار أجرةً لعمله.

قال المرداوي -الحنبلي- في الإنصاف: ولا تَجِبُ فيما يَكْتَسِبُه اللَّقَّاطُ، أو يَأخُذُه أُجْرَةً بحَصَادِه. بلا نِزاعٍ. اهــ.

وانظر الفتوى: 103836.

وننبهك إلى أن نصاب الزكاة في زيت الزيتون هو خمسة أوسق من الحب، لا من الزيت نفسه.

جاء في التاج والإكليل للمواق المالكي: وَالِاعْتِبَارُ فِي نِصَابِهَا إنَّمَا هُوَ بِالْكَيْلِ، وَالْكَيْلُ لَا يَتَهَيَّأُ إلَّا فِي الْحَبِّ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِن الزَّيْتِ إذَا بَلَغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. اهــ.

وفي الشرح الكبير للدردير في زكاة ما له زيت: مِنْ (زَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ) مِنْ زَيْتُونٍ وَحَبِّ فُجْلٍ وَقُرْطُمٍ وَسِمْسِمٍ إنْ بَلَغَ حَبُّ كُلٍّ نِصَابًا، وَإِنْ قَلَّ زَيْتُهُ. اهــ.

وقد ذكرنا مقدار الخمسة أوسق بالكيلو جرام، في الفتوى: 115639.

وعلى هذا؛ فزيت الزيتون الذي حصدتموه من أرضكم إن كان حبه الذي استخرجتم منه تلك اللترات من الزيت ــ 195 لترا ــ أقل من خمسة أوسق، فلا زكاة عليكم فيه.

وإن كان لا يقل عن خمسة أوسق، فلا إشكال في أنه بلغ نصابا، فتُخرج الزكاة ولو قَلَّ الزيت الناتج من عصره.

والزكاة تُخرج من الزيتون، أو من الزيت وهو أولى.

قال النووي في المجموع: (أَصَحُّهَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ زَيْتًا وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ زَيْتُونًا، وَالزَّيْتُ أَوْلَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. اهــ.

وتخرج الزكاة من الزيت نفسه، أو الزيتون نفسه وليس من قيمتهما نقودا، إلا على قول الحنفية المجيزين إخراج القيمة في الزكاة، والجمهور على عدم الإجزاء.

وانظر الفتوى: 80337 حول مذاهب العلماء في إخراج القيمة في الزكاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني