السؤال
يتحدث اليوم الكثير من العلماء عن الحل الإسلامى عن تنفيذ شرع الله وإقامة الخلافة الإسلامية. ولكن أجد حيرة فى معنى هذا الكلام , لأني حسبما أعلم أن شرع الله لا يقف عند قطع يد السارق أو رجم الزاني وحتى يمكن التغاضي عن هذا الأمر في أحوال كثيرة , إنما الأصل في إقامة شرع الله "العدل" وهذا لا يوجد مقياس واضح له, كما أن شرع الله مبني على حسن النية مثل الاكتفاء بأن يحلف السارق أو الزاني أو غير ذلك. ومن ذلك أيضا أن الشرع الإسلامى يجري على أساس محاولة تبرئة المتهم بشتى الطرق وإن كان ذلك على حساب إفلات ظالم. فأرجو توضيح مدى صحة هذا الكلام والخطى التى يمكن اتخاذها لإقامة الشرع في عصرنا هذا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم الكلام عن إقامة الشرع في هذا العصر وعن سبل تحقيق ذلك، وذلك في الفتاوى التالية: 15869.
وأما عن قول السائل إن شرع الله لا يقف عند قطع يد السارق أو رجم الزاني فهذا الكلام صحيح من جهة أن شرع الله أوسع وأعظم بكثير من هاتين المسألتين، إلا أن هاتين المسألتين تعدان من الشرع، ومن أنكرهما فقد أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأما عن قول السائل: يمكن التغاضي عن هذه الأمور في أحوال كثيرة فهذا الكلام صحيح من جهة أن الحدود تدرأ بالشبهات، ولكن هذا لا يعني إسقاط هذه الأحكام، عمن ثبتت عليه البينة بذلك، وأما عن قول السائل: إنما الأصل في إقامة شرع الله هو العدل فهو كلام صحيح، وأما قوله: وهذا لا يوجد مقياس واضح له. فهذا باطل فإن المقياس في العدل هو أن يكون هذا الشيء من شرع الله، فكل شرع الله عدل، ولو ظهر للبعض أنه ليس بعدل، فالله هو العليم الخبير خالق العباد، والعالم بما يصلحهم وما يفسدهم، وما ينفعهم وما يضرهم، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الملك:14)، وأما قول السائل: إن شرع الله مبني على حسن النية مثل الاكتفاء بأن يحلف السارق أو الزاني..... إلخ. فهذا الكلام إنما هو في حالة عدم ثبوت السرقة والزنا ببينة أو إقرار.
أما إذا ثبتت بذلك البينة فلا ينفع السارق والزاني يمينه الكاذبة.
وأما عن قول السائل: إن الشرع يجري على أساس تبرئة المتهم ولو على حساب إفلات ظالم فهذا الكلام ليس على إطلاقه، حيث إن من ثبت عليه الظلم للعباد فلا تجوز تبرئته، نعم المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولكن ذلك لا يعني أبداً أننا لا نبحث عن ما يثبت إدانته إذا كان ظالماً لغيره، بل يجب علينا البحث عن ذلك.
والله أعلم.