الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الخير والشر والحسن والقبيح في الشريعة

السؤال

أرجو من الشيوخ الأفاضل تبيين معنى كل من الخير والشر والحسن والقبيح في الشريعة الإسلاميةوالفرق بين هذه المتناقضاتولكم جزيل الشكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخير ما يرغب فيه كل الناس من أصحاب الفطر السليمة، كالعقل والفضل والعدل والأشياء النافعة كالمال..

والخير نوعان: خير مطلق، وهو المرغوب فيه على كل حال وعند كل عاقل، وهو صلاح الدنيا والآخرة.

وخير مقيد، وهو أن يكون خيرا لواحد شرا لآخر، كالمال والولد.. ربما يكونان خيرا لزيد شراً لعمرو، وفي هذا المعنى جاء قول الله تعالى: [إِنْ تَرَكَ خَيْراً] (البقرة: 180). مالاً.. ويقول تعالى: [أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ] (المؤمنون: 55-56) .

ويطلق الخير ويراد به الأفضلية، وأن هذا أفضل من هذا، كما في قوله تعالى: [وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى] (البقرة: 197). وفي قوله: [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] (البقرة: 184).

والخير يقابل الشر، وربما قوبل به الضر كما في قوله تعالى: [وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] (الأنعام:17).

وأما الشر فهو ضد الخير تماما، وهو كل ما يرغب عنه العقلاء الأسوياء ويكرهونه، قال الله تعالى: [قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا] (الحج: 72).

وأما الحسن فهو عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه ملائم للطبع.. وربما كان المستحسن من جهة العقل أو من جهة الحس أو من جهة الهوى.

وأكثر ما جاء في القرآن الكريم من الحسن فللمستحسن من جهة البصيرة، كما في قوله تعالى [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً] (البقرة: 83). وقوله: [وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] (المائدة:50).

وأما القبح فهو ما ينبو عنه البصر من الأعيان، وما تنفر منه الأنفس من الأعمال والأحوال.. وقد عرَّف الأصوليون الحسن بأنه كل ما لم ينه الله تعالى عنه، فيشمل الواجب والمندوب والمباح، كما عرفوا القبيح بأنه كل ما نهى الله تعالى عنه، فيشمل الحرام والمكروه.

قال صاحب المراقي:

ما ربُّنا لم ينه عنه حسن وغيره القبيح والمستهجن

وقال شراحه: والحسن والقبح يطلقان بثلاث اعتبارات: ما يلائم الطبع وينافره، كإنقاذ الغريق واتهام البريء والثاني: صفة الكمال والنقص، كقولنا: العلم حسن والجهل قبيح، فهما بهذين الاعتبارين عقليان بلا خلاف. والثالث: ما يوجب المدح والذم الشرعي عاجلا، والثواب أو العقاب آجلا، فهو محل النزاع.

فأهل السنة والجماعة قالوا: هو شرعي، أي لا يُعلم استحقاق المدح أو الذم ولا الثواب أو العقاب شرعا على الفعل إلا من جهة الشرع، خلافا لغيرهم من المعتزلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني