السؤال
أخشع في عباداتي، وأستشعر حلاوة العبادة عند ما أكون وحدي، ولا يراني أحد، لكن المشكلة أنه في معظم الأوقات يكون الأهل حولي، وقلَّما أجد وقتا أكون فيه وحدي، فلا أستطيع البكاء من خشية الله، أو قراءة القرآن بالتغني أمامهم، أو الخشوع في العبادات أمام أي أحد.
أعلم أن هذا خطأ كبير مني، وأن الصحابة والتابعين كانوا يبكون من خشيه الله أمام الآخرين، ولا يؤثر هذا على إخلاصهم. أتعبني هذا الموضوع كثيرا، وأشعر أني مقيدة، لا أطلب العلم مع حبي الشديد له، ولا أعبد الله كما ينبغي، حتى إنني في كثير من الأحيان لا أدخل الحلقات أونلاين عندما تكون أمي أو أبي بالقرب مني، ويسمعان ما أقول. والله لا أعلم ماذا بي، ولا أعلم كيف أعالج هذه الآفة؟ أنا حقا مستعدة أن أفعل أي شيء لعلاج ذلك؟
أشكركم على وقتكم وجهودكم، بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاجتهاد في إخفاء أعمال الخير أمر حسن، والأصل في المسلم أن يجعل له خبيئة من عمل صالح. وأن ما استطاع أن يعمله خفية، فلا يظهره للناس. وتنظر الفتوى: 165657.
ولا ينبغي ترك العمل الصالح مخافة اطلاع الناس عليه، وعلى المسلم أن يطيع الله سواء كان في الخلوة أو الجلوة، ولا يمنعه من صالح العمل كون الناس يرونه، فإن الأصل أنه لا يبالي بهم، وأن ما فيه يشغله عن مراقبة أفعالهم، وانظري الفتوى: 30366.
وعليه؛ فاعملي الصالحات سواء حضر الناس أو غابوا.
ولو تحدثوا عن استقامتك، وحرصك على الخير؛ فذلك من عاجل بشرى المؤمن، ولا يضر عملك.
فقد روى مسلم عن أبي ذر: قيل: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن.
واستعيني على ذلك بالله، والزمي دعاءه، والاستعانة به أن يوفقك لما يرضيه على كل حال.
وعليك بمجاهدة نفسك، فإنك متى فعلت ذلك بصدق، وأجبرتها مرة ومرتين على فعل ما لا تريد من العمل أمام الناس، سَهُل عليها ذلك واعتادته.
وفقك الله لما فيه رضاه.
والله أعلم.