السؤال
أنا فتاة متزوجة، ولديّ طفل، وأعمل في إحدى الشركات ثماني ساعات، وعملي شاق جدا، وأضطر لترك طفلي لدى أمي، وأزوره أكثر من ثلاثة أيام في الأسبوع، وأغلب الأيام أقضيها في منزل أسرتي، وأبي لديه محل صغير للمواد الغذائية، وأمي تعمل معه، وأبي إنسان بخيل جدا! فعندما تطلب منه أمي نقودا، أو مواد غذائية يرفض.
وعندي أخ، هو وزوجته وبنته يعيشون في نفس المنزل، وأخي عاطل، فتضطر أمي لبيع السجائر، وتارة أخرى تسرق النقود من أبي، والمواد الغذائية، وأحس أن تلك المؤونة حرام، والطعام الذي تطبخه أمي حرام، وحتى نقودي حرام، رغم أن عملي حلال، وشاق جدا، وأقول في نفسي مادام أكلي حراما، فالقوة التي أستمدها من الأكل، وأستغلها للقيام في عملي تجعل عملي حراما، فلولا ذلك الأكل ما اكتسبت قوة للقيام بذلك المجهود حاليا، وأنا لا أملك منزلا، وأوفر كل شهر مبلغا بسيطا، لأشتري منزلا، وأرفض أن أقترض من البنوك، فزوجي راتبه قليل جدا، لا يكفيه سوى لإيجار المنزل، ومساعدة أمه الأرملة، فهل هذا الإحساس صحيح؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الإحساس غير صحيح، ويخشى أن يكون نابعًا من وسوسة، فلا يلزم من الأكل من المال الحرام أن يكون ما يكتسبه آكله من عمل مباح مالًا محرمًا.
فالعمل الحلال كسبه حلال، وهذا على تقدير أن ما تصنع أمك من طعام أصله مال حرام، وهو قد لا يكون كذلك، بل غايته أن يكون مختلطا بين ثمن الدخان -وهو حرام- وما تأخذه أمك من مال أبيك دون علمه على تقدير أنه حرام عليها، وبين ما يعطيه الأب من نفقة العائلة، وهو حلال، فقد اجتمع في الموؤنة الحلال والحرام.
علما بأن نفقة أمك واجبة على أبيك، فإن كان يبخل عليها بهذه النفقة جاز لها أن تأخذ بقدر هذه النفقة بغير علمه، ودليل ذلك الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة -رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح: وليس يعطيني ما يكفيني وولدي: إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وينبغي أن تبذلي لأمك النصح فيما يتعلق ببيع السجائر، وأن ترشديها إلى بيع الحلال، ففي الحلال ما يغني عن الحرام.
ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتويين: 1671، 17461.
والله أعلم.