السؤال
في حديث الغيبة تصح في ست حالات: الثانية (الاستعانة على تغيير منكر)، وموضوع عدم السكوت عن الظلم. لقد استنعت بأحد أفراد عائلة صديقة لي؛ لإزالة الفعل المنكر، والظلم الذي سيقع على أكثر من شخص. هناك خطر من تصرفات فتاة ما، وهناك ظلم سيقع على أكثر من شخص؛ لهذا اخترت الاستعانة بأحد الأشخاص بنية الوقوف معها، والانتباه عليها.
هل علي إثم إذا توقعت أنها يمكن أن تنال جزاءها؟ والدافع لذلك هو الحرص عليها. ونيتي هي الخير، وهو عدم وقوع الظلم، وتشويه سمعة أكثر من شخص غيرها، وأن تقف عن أفعال المنكر.
للعلم ففعلتها كبيرة، ومُضِرَّة لها، ولأشخاص آخرين غيرها، ولم أذكر تفاصيل الموضوع، أي لم أجعلها بصورة خطأ، بل العكس.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الغيبة محرمة في الأصل، لكنها إذا كانت لتحقيق مصلحة، أو دفع مفسدة لم تمنع.
قال ابن دقيق العيد في «إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام»: «فإن النميمة إذا اقتضى تركها مفسدة تتعلق بالغير، أو فعلها مصلحة يستضر الغير بتركها: لم تكن ممنوعة، كما نقول في الغيبة: إذا كانت للنصيحة، أو لدفع المفسدة: لم تمنع، ولو أن شخصا اطلع من آخر على قول يقتضي إيقاع ضرر بإنسان، فإذا نقل إليه ذلك القول احترز عن ذلك الضرر، لوجب ذكره له». انتهى.
ومن ذلك: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب بأن يقول الشخص لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك، كما هو مبين الفتوى: 150463.
وعليه: فلا إثم عليك في الاستعانة بقريب صديقتك، لمنعها من المنكر، ما دام لم يغلب على ظنك وقوع مفسدة أكبر من مصلحة تغيير المنكر، كالاعتداء على تلك الفتاة بجرح، أو كسر مثلا، وإلا كانت الغيبة غير مشروعة، وباقية على أصل التحريم، مع إثم التسبب، والإعانة على الاعتداء.
وأما مجرد معاملة الفتاة بمقتضى فعلها، وما يمنعها من الوقوع في المنكر مستقبلا -كتقييد خروجها من المنزل -مثلا- فلا يوجب الإثم عليك.
والله أعلم.