الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين من أفطر سهواً ومن أفطر خطأً

السؤال

ماحكم الإسلام في الإفطار الخطأ في رمضان هل يعامل مثل الإفطار السهو؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد دلت الشريعة على أن عذر الساهي والمخطئ، ورفع الجناح عنهما من باب واحد في الجملة.
قال تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) [البقرة:286] .
وقال تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً) [الأحزاب:5]
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجه.
لكن النسيان عذر في باب ارتكاب المناهي لا في باب ترك الأوامر، كما أن رفع الإثم لا يعني سقوط الضمان عند حدوث الإتلاف في حق الغير، وتفصيل ذلك في محله من كتب الأصول والقواعد.
وأما الإفطار في رمضان سهواً أو خطأ ففيه تفصيل نوجزه فيما يلي:
أولاً: من أكل أو شرب ناسياً، فلا يفسد صومه عند جمهور العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق عليه، وذهب مالك رحمه الله إلى التفريق بين صوم رمضان وغيره فمن نسي في رمضان فأكل أو شرب فعليه القضاء.
أما لو نسي في غير رمضان فأكل أو شرب فإنه يتم صومه ولا قضاء عليه.
ثانياً: من جامع أهله ناسياً:
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
الأول: أن الجماع في حال النسيان لا يفطر، وإلى هذا ذهب الحنفية والشافعية.
الثاني: أن من جامع في رمضان ناسياً فسد صومه ووجب عليه القضاء عند المالكية، والقضاء والكفارة عند الحنابلة.
وعن أحمد رواية أنه لا يقضي ولا يكفر، اختارها الآجري وشيخ الإسلام ابن تيمية.
ثالثا: من أكل أو شرب خطأ بأن ظن بقاء الليل فتسحر، أو ظن غروب الشمس فأفطر، ثم بان خطؤه، لزمه القضاء دون الكفارة عند جمهور العلماء. واختار شيخ الإسلام أنه لا قضاء عليه.
وإذا لم يتبين خطؤه، فلا يجب عليه القضاء عند الحنابلة والحنفية.
ومن الفقهاء من فرق بين من أكل ظاناً بقاء الليل، ومن أكل ظاناً غروب الشمس، فأوجب القضاء على الثاني دون الأول أخذاً من قاعدة وهي: الشك في المبيح يضر والشك في المانع لا يضر، وتفصيل ذلك في كتب الفقه.
رابعا: لو جامع يعتقده ليلاً فبان نهاراً، فإنه يقضي ولا يكفّر عند جمهور العلماء، وذهب الحنابلة في الصحيح من مذهبهم إلى وجوب القضاء والكفارة.
وعن أحمد رواية أنه لا يقضي ولا يكفر. اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
وبهذا يظهر أن النسيان ليس عذراً في جميع الصور، كما أن الخطأ يفارق النسيان في بعض المسائل.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني