السؤال
هل تجوز قراءة القرآن كله دون همز، اعتمادا على لغة قريش التي لا تهمز، رغم مخالفة القراءات لذلك، لأنه لا توجد قراءة خالية من الهمزة؟
هل تجوز قراءة القرآن كله دون همز، اعتمادا على لغة قريش التي لا تهمز، رغم مخالفة القراءات لذلك، لأنه لا توجد قراءة خالية من الهمزة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز قراءة كل القرآن من دون همز، ولا تجوز قراءته من دون رواية، فقد قال السيوطي في الإتقان: قال الداني، وأئمة القراء: لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر، والأصح في النقل، وإذا ثبتت الرواية لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة، يلزم قبولها، والمصير إليها. اهـ.
وقد صرحوا بمنع القراءة بما يوافق اللغة، والرسم، ولم ينقل، قال ابن جني في المحتسب: وبقي قسم رابع مردود أيضا، وهو ما وافق العربية، والرسم، ولم ينقل البتة، فهذا رده أحق، ومنعه أشد، ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر بن مقسم، وعقد له بسبب ذلك مجلس، وأجمعوا على منعه، ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق الذي لا أصل له يرجع إليه، ولا ركن يعتمد في الأداء عليه. اهـ.
واعلم أنه لا يصح الجزم بكون ترك الهمز لغة قريش بالإطلاق، فإن قريشا كانت تخفف الهمز بالإبدال، أو التسهيل أكثر من غيرها، ولكنها لم تكن تترك الهمز بالكلية. ولذا، كانت قراءة أهل الحرمين يوجد بها الهمز، ويوجد بها التسهيل، كما هو قراءة نافع، وابن كثير، فقد قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن - ج 1 / ص: 117: اعلم أن الهمز لما كان أثقل الحروف نطقاً، وأبعدها مخرجاً، تنوع العرب في تحقيقه بأنواع التخفيف، وكانت قريش، وأهل الحجاز أكثرهم تخفيفاً، ولذلك أكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم كابن كثير من رواية ابن فليح، وكنافع من رواية ورش، وكأبي عمرو، فإن مادة قراءته عن أهل الحجاز.... اهـ.
وقد ضعف السيوطي رواية من نقلوا ترك الهمز عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء، فقال في الإتقان: وقد أخرج ابن عدي، من طريق موسى بن عبيدة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ما همز رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم، قال أبو شامة: هذا حديث لا يحتج به، وموسى بن عبيدة الربذي ضعيف عند أئمة الحديث، قلت: وكذا الحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك، من طريق حمران بن أعين، عن أبي الأسود الدؤلي، عن أبي ذرّ، قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيء الله، فقال: لست بنبيء الله، ولكني نبي الله، قال الذهبي: حديث منكر، وحمران رافضي ليس بثقة... اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني