السؤال
لدي مشكلة عائلية مع أبي وأمي، بسبب أختي، فأختي أخطأت في حقي، أنا وزوجتي.... فقاطعني أهلي بسببها، وهي متعودة أن الدنيا لا بد أن تمشي على مزاجها، وأهلي يسمحون بذلك، حتى لا تتعب نفسيتها، وتدخل في حالات هستيريا، وطريقة أهلي تسببت في مشاكل مع زوجتي وأهلها، فأبعدت زوجتي عنهم تماما، وحاولت مرات كثيرة على مدار: 9 شهور التواصل مع أبي وأمي، وبعد شهور تواصلت معي أمي، وأبي يرفض الكلام معي، مع أنني اعتذرت لهم من باب صلة الرحم، والآن أبي يشترط للتواصل معي أن أتكلم مع أختي دون عتاب، أو أي إشارة لكيفية التعامل في المستقبل، فهل هذا من حقه؟ وهل يمكن أن تضيع مصلحة ابن لمصلحة ابن آخر، وعلي أن أتقبل ذلك، ولو أتى على نفسي، وكرامتي؟ وهل مفروض أن تكون علاقة الابن مع الأب مربوطة بعلاقة الأولاد مع بعض؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحقّ أبيك عليك عظيم، وعلى فرض أنّه ظلمك، ولم يعدل بينك وبين سائر أولاده في المعاملة؛ فهذا لا يُسقط حقّه عليك، ولا يبيح لك قطعه، جاء في الأدب المفرد للبخاري -رحمه الله: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
وراجع الفتوى: 401791.
فالواجب عليك طاعة والدك فيما أمرك به من مكالمة أختك، وترك عتابها؛ فهذا أمر بصلة أختك، وصلتها واجبة عليك، وإن أساءت إليك، أو آذتك، وراجع الفتوى: 425998.
وإن كانت مبادرتك بمكالمة أختك وترك عتابها؛ شديدة على نفسك؛ فليس هذا عذرا لعصيان والدك، قال ابن تيمية –رحمه الله: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ.... وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
فجاهد نفسك، واستعذ بالله من الشيطان، واقصد بعملك رضا الله، وأبشر ببركة برك والديك، وصلة رحمك، وعفوك عن المسيء؛ فكل ذلك مما يحبه الله تعالى، ويثيب عليه أعظم الثواب.
والله أعلم.