الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكره زوجها ولا تقدر على القيام بحقوقه وتريد الفراق وهو يرفض

السؤال

أنا متزوجة، وكرهت العيش مع زوجي .. وطلبت الطلاق مرارا، وهو يرفض ذلك، للحفاظ على وجود الأولاد بيننا.. وغير قادرة على طاعته الطاعة الكاملة، بسبب كرهي للعيش معه.. فهل بهذا أكون آثمة؟
وشكرا لفضيلتكم...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمرأة إذا كانت مبغضة لزوجها، وتنفر منه، بحيث لا تقدر على القيام بحقّه؛ يجوز لها طلب الفراق بالخلع، أو الطلاق، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخُلِقه، أو خَلْقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، لقول الله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به {البقرة: 229}. انتهى.

ويستحب للزوج أن يجيب الزوجة إلى الخلع في هذه الحال، قال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: وتسن له إجابتها إن سألته الخلع على عوض حيث أبيح الخلع. انتهى.

وإذا لم يرض الزوج بالخلع؛ فلا يجوز للزوجة منع الزوج حقّه، وعليها طاعته في المعروف، فإن لم تقدر على ذلك؛ فلها رفع الأمر للقضاء، ليلزم الزوج بالخلع، وراجعي الفتويين: 105875، 126259

لكن إذا كانت الحال مستقيمة بين الزوجين، وكان النفور والبغض عارضا غير مستقر؛ فليس هذا مسوّغا للفرقة بين الزوجين، فالحياة الزوجية -في الغالب- لا تستقيم إلا بالصبر، والتغاضي عن بعض المكروهات، والموازنة بين الحسنات والسيئات، ولو استسلم الأزواج لكل شعور بالنفور، أو ضعف المحبة؛ لانهدمت أكثر البيوت، وتشتت معظم الأسر.

قال سيد قطب رحمه الله: وحتى لا تكون العلاقة الزوجية ريشة في مهب الرياح، فهي مربوطة العرى بالعروة الوثقى، العروة الدائمة، العروة التي تربط بين قلب المؤمن وربه، وهي أوثق العرى، وأبقاها......... كي يستأني بعقدة الزوجية، فلا تفصم لأول خاطر، وكي يستمسك بعقدة الزوجية، فلا تنفك لأول نزوة، وكي يحفظ لهذه المؤسسة الإنسانية الكبرى جديتها، فلا يجعلها عرضة لنزوة العاطفة المتقلبة، وحماقة الميل الطائر هنا وهناك.. وما أعظم قول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- لرجل أراد أن يطلق زوجه، لأنه لا يحبها: ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية، وأين التذمم؟ وقال لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن، ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام، وما أتفه الكلام الرخيص الذي ينعق به المتحذلقون باسم الحب، وهم يعنون به نزوة العاطفة المتقلبة. انتهى من تفسير الظلال باختصار، وتصرف يسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني