السؤال
ما حكم تقطيع ثياب الميت أو قصها، بحجة أنها راحة للميت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم أصلًا للزعم بأن تقطيع ثياب الميت وقصها راحة له!
وقد ذكر الفقهاء استحباب تجريد الميت من ثيابه، ونزعها عنه، ولم نقف على ذكرهم لتمزيقها أو قطعها إراحة له.
جاء في المغني لابن قدامة: المستحب تجريد الميت عند غسله، ويستر عورته بمئزر. هذا ظاهر قول الخرقي، في رواية الأثرم عن أحمد، فقال: يغطي ما بين سرته وركبتيه. وهذا اختيار أبي الخطاب، وهو مذهب ابن سيرين، ومالك، وأبي حنيفة.
وروى المروذي، عن أحمد، أنه قال: يعجبني أن يغسل الميت وعليه ثوب يدخل يده من تحت الثوب. قال: وكان أبو قلابة إذا غسل ميتًا جلله بثوب.
قال القاضي: السنة أن يغسل في قميص رقيق ينزل الماء فيه، ولا يمنع أن يصل إلى بدنه، ويدخل يده في كم القميص، فيمرها على بدنه والماء يصب، فإن كان القميص ضيقًا فتق رأس الدخاريص، وأدخل يده منه. وهذا مذهب الشافعي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- غسل في قميصه. اهـ.
وفي «المبسوط»: ذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم -رضي الله عنهما- قال: يجرد الميت إذا أريد غسله، لأنه في حالة الحياة كان يتجرد عن ثيابه عند الاغتسال، فكذلك بعد الموت يجرد عن ثيابه، وقد كان مشهورًا في الصحابة، حتى إنهم لما أرادوا أن يفعلوه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- نودوا من ناحية البيت، اغسلوا نبيكم -صلى الله عليه وسلم- وعليه قميصه، فدل أنه كان مخصوصًا بذلك. اهـ.
وفي نهاية المحتاج في شرح المنهاج للرملي: (ونزعت) عنه ندبًا (ثيابه) المخيطة التي مات فيها، بحيث لا يرى شيء من بدنه، لئلا يسرع فساده. اهـ.
وعليه؛ فإن أمكن تجريد الميت من ثيابه بلا عناء، فلا موجب إذن لقص ثيابه أو تقطيعها، لما يترتب عليه من إتلافها، وهذا يعد إضاعة للمال وهو منهي عنه، وراجع للفائدة الفتوى: 346759.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني