السؤال
اشتريت هاتفا محمولا مستعملا من صديق على الإنترنت، واتفقنا على السعر، وعند مقابلته لرؤية الهاتف، وتفحصه كان في وقت متأخر من الليل، وقمت بفحص الهاتف على حالته الظاهرة على قدر المستطاع من عدم وجود خدوش، أو ما شابهه. وقبض الثمن، واشترطت عليه بحكم خيار الشرط أن الهاتف معي ثلاثة أيام، إن ظهر فيه عطل، فهو يخصه كبطارية، أو أي عطل آخر، ووافق على ذلك، وأشهدنا الله على بيعنا. في صباح اليوم التالي مباشرة، وفي ضوء النهار وجدت خدوشا ظاهرة في الهاتف لم تظهر لي أثناء رؤية الهاتف في الليل في الوقت الذي اشتريت فيه، فقمت بالتواصل معه، وأرسلت إليه صورا تؤكد ذلك، لم يصدق، ولا أنكر؛ لأنه رجل على دين، فقلت له: أنا أصدقك أنك لم تر تلك الخدوش؛ لأنه كان يستعمل واقيا على الجهاز، ولكن الأمر الواقع هو أن الهاتف به تلك الخدوش التي تعيبه، وتنقص من ثمنه، فطالبته باسترداد المبلغ، فأنكر علي؛ لأنه تصرف بالمبلغ؛ ولأنه ليس لي حق في الإرجاع؛ لأنني عاينت الهاتف قبل شرائه.فما الحكم في ذلك؟جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، أو من ينوب منابه، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، وما إذا كان العيب المفترض عيبا مؤثر يرد به، أم لا؟ ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم في مثل هذه القضايا. وما يمكننا إفادة السائل به على سبيل العموم أن:
ـ العيب المؤثر في الثمن، المنقص لقيمة السلعة، إذا لم يعلم به المشتري، إلا بعد الشراء، كان من حقه رد المبيع للبائع، واسترداد الثمن منه.
قال ابن المنذر في «الإقناع»: قد أجمع أهل العلم عَلَى أن من اشترى سلعة، ووجد بها عيبًا كَانَ عند البائع لم يعلم به المشتري أن لَهُ الرد. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: متى علم بالمبيع عيبا، لم يكن عالما به، فله الخيار بين الإمساك، والفسخ، سواء كان البائع علم العيب، وكتمه، أو لم يعلم. لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافا. اهـ.
ـ خيار الشرط لمدة ثلاثة أيام، صحيح، وملزم، إذا اتفق عليه البيعان أثناء العقد، قال ابن قدامة في المغني: يجوز شرط الخيار لكل واحد من المتعاقدين، ويجوز لأحدهما دون الآخر، ويجوز أن يشرطا لأحدهما مدة، وللآخر دونها؛ لأن ذلك حقهما؛ وإنما جوز رفقا بهما، فكيفما تراضيا به جاز. اهـ.
والله أعلم.