السؤال
أعمل كمحامٍ، وقد تم تعييني من قبل المحكمة التجارية كوكيل لتوزيع أموال تاجر صدر بحقه حكم بالإفلاس.
يتضمن عملي في هذه القضية:
1- القيام بإشهار حكم الإفلاس.
2- تبليغ الدائنين عبر الجريدة الرسمية للحضور وتقديم مطالباتهم.
3- بيع ممتلكات التاجر المفلس لتوزيع الأموال على الدائنين.
والدائنون هم تجار وبنوك. وقبل البدء في العمل، تبين لي أن أموال التاجر لا تكفي سوى لتسديد جزء أموال الدائنين، مما يعني أنه لن يتم تسديد فوائد أي من الديون. وأثناء أدائي لمهامي، تدخل أحد البنوك العامة، ممن له دين عند التاجر، وقام ببيع إحدى ممتلكات التاجر لتحصيل دينه مع الفائدة بموجب القانون.
السؤال: هل عملي كموزع للأموال، في ظل تدخل البنك لتحصيل دينه وفائدته، يجعل عملي محرمًا شرعًا؟ وهل أُعتبر مشاركًا في معاملة ربوية؟ علمًا بأني قانونيًا لا أستطيع منع البنك من أخذ فوائد دينه. وهل تُعد أجرة عملي متأثرة بالربا؟ مع العلم أن أتعابي تُحدد من قبل القاضي المنتدب في توزيع أموال المفلس كنسبة من الأملاك المبيعة لسداد الديون.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى عليك حرجًا فيما فعله البنك، فإن ذلك خارج عن قدرتك واختيارك، لأنك لا تستطيع منعه من أخذ فوائده الربوية، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
والمرء لا يكلف إلا بفعل نفسه، ولا يسأل عن فعل غيره، فإذا فعل غيره منكرًا، أو ارتكب إثماً، فعلى نفسه دون غيره من الناس، كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 111].
قال الطبري في تفسره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنباً على عمد منه له ومعرفة به، فإنما يجترح وبال ذلك الذنب وضره وخزيه وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة: 105] وقال سبحانه: لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء: 84].
قال الواحدي في الوجيز: أي: إلا فعل نفسك. على معنى: أنه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.
وعلى ذلك؛ فإن كان عملك مباحًا في ذاته، فلا يحرِّمه عليك فعل البنك الذي لا تستطيع منعه، ولا تشارك فيه، ولا تعين عليه.
والله أعلم.