السؤال
اعتمرتُ مرتين من قبل -والحمد لله-، وقد كلَّفني شخصٌ بأداء عمرة عن والدته -رحمها الله- في رمضان هذه السنة، إن شاء الله تعالى، وهو يتحمل تكاليف سفري، وإقامتي ومصروفي. فهل يجوز لي بعد أداء العمرة عن والدته أن أعتمر مرة أخرى عن نفسي؟ وهل يجوز لي أن أقتصد من المال الذي أعطاه لي للأكل والشرب، وآخذ ما تبقى منه، أم يجب عليَّ إرجاعه إليه؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتَ قد اعتمرتَ عن نفسك، فيجوز لك أن تنوب عن غيرك في أداء العمرة، والقول الراجح عندنا هو: جواز أخذ الأجرة على العمرة عن الغير، كما تقدم في الفتوى: 483550.
وعليه فإذا كانت العمرة مقابل مبلغ معين (مائة ألف) مثلاً كأجرة، فما فضل منها عن مصروفاتك، هو ملك لك وليس عليك رد شيء منه.
وأما إذا كانت العمرة مقابل المصاريف من نفقة، وإقامة، وتذاكر سفر، ونحو ذلك، فإنما فضل من تلك المصاريف، يجب ردّه للشخص الذي تحمل تلك النفقات.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد في الذي يأخذ دراهم للحج: لا يمشي، ولا يقتّر في النفقة، ولا يسرف، وقال في رجل أخذ حجة عن ميت ففضلت منه فضلة: يردها، ولا يدعو إلى طعامه، ولا يتفضل، ثم قال: أمّا إذا أعطي ألف درهم، أو كذا، وكذا، فقيل له: حج بهذه، فله أن يتوسع فيها، وإن فضل شيء فهو له، وإذا قال الميت: حجوا عني حجة بألف درهم، فدفعوها إلى رجل، فله أن يتوسع فيها، وما فضل فهو له.
وإن استأجره ليحج عنه أو عن ميت اعتبر فيه شروط الإجارة، من معرفة الأجرة، وعقد الإجارة، وما يأخذ أجرة له يملكه، ويباح له التصرف فيه، والتوسع به في النفقة وغيرها، وما فضل فهو له، وأن أحصر، أو ضل الطريق، أو ضاعت النفقة منه؛ فهو في ضمانه، والحج عليه، وإن مات انفسخت الإجارة؛ لأن المعقود عليه تلف، فانفسخ العقد، كما لو ماتت البهيمة المستأجرة، ويكون الحج أيضًا من موضع بلغ إليه النائب، وما لزمه من الدماء فعليه؛ لأن الحج عليه. اهـ.
وفي حاشية الدسوقي المالكي: (والبلاغ إعطاء) أي: وإجارة البلاغ عقد على إعطاء (ما ينفقه) الأجير على نفسه (بدءا وعودًا بالعرف) أي: بالمعروف بين الناس، فلا يوسع، ولا يقتّر على مقتضى العادة، فإذا رجع ردّ ما فضل، ويرد الثياب التي اشتراها من الأجرة. اهـ.
والله أعلم.