الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل بر الوالد وأداء حقوقه وخدمته

السؤال

والدي يفضّل أولاد إخوته علينا في جميع الأمور، إذ يرى أنهم يوقرونه أكثر منا. ومهما فعلنا، فإنه لا يرى ما نقوم به شيئًا، ودائمًا يكون غير راضٍ عنّا. فهل أكون بارًّا به إذا كنتُ لينًا معه في الحديث، ونفّذت أوامره، رغم عدم رضاه عن أفعالي؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قائمًا بما تقدر عليه من حقوق أبيك عليك؛ فلا يضرّك -إن شاء الله- عدم رضاه عن برّك به، فإنّ المقصود الأعظم هو رضا الله تعالى.

قال الغزالي -رحمه الله- في إحياء علوم الدين: ..فإن العباد أمروا أن لا يعبدوا إلا الله، ولا يريدوا بطاعتهم غيره.
وكذلك من ‌يخدم أبويه لا ينبغي أن ‌يخدمهما لطلب المنزلة عندهما، إلا من حيث إن ‌رضا الله عنه في ‌رضا ‌الوالدين
. انتهى.

واعلم أنّ حقّ الوالد على ولده عظيم، ومن البرّ به مخاطبته بالأدب، والرفق، والتواضع.

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: (وقل لهما قولا كريما): أي ليّنا لطيفًا مثل: يا أبتاه، ويا أمّاه، من غير أن يسميهما، ويكنِّيهما.
قال عطاء، وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من برّ الوالدين قد عرفته، إلا قوله: وقل لهما قولاً كريمًا. ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ... فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله، وسكناته، ونظره
. انتهى مختصرًا.

قال الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله- في الغنية لطالبي طريق الحق: وصفة البر: أن تكفيهما ما يحتاجان إليه، وتكفّ عنهما الأذى، وتداريهما مداراة الطفل الصغير، ولا تتضجر منهما، ولا من حوائجهما، وتجعل ‌خدمتهما بدلًا من كثير نوافلك، من الصلاة، والصيام، والقراءة، وتستغفر لهما عقيب صلواتك، ولا تحوجهما إلى التعب، وتتحمل أذاهما، ولا تعل صوتك على أصواتهما، ولا تخالفهما في ما لا يكون فيه خرق للشرع. انتهى.

وقال الخادمي -رحمه الله- في بريقة محمودية: ويقال للوالدين على الولد عشرة حقوق:
الأول: إذا احتاجا إلى الطعام، أطعمهما.
الثاني: إذا احتاجا إلى الكسوة، كساهما إن قدر.
الثالث: إذا احتاجا إلى الخدمة، خدمهما.
الرابع: إذا دعواه، أجابهما، وحضرهما.
الخامس: إذا أمراه بأمر، أطاعهما، ما لم يؤمر بالمعصية...
السادس: الكلام باللين بدون عنف.
السابع: لا يدعوهما باسمهما.
الثامن: يمشي خلفهما.
التاسع: أن يرضى لهما ما يرضى لنفسه، ويكره لهما ما يكره لنفسه.
العاشر: أن يدعو الله لهما بالمغفرة كلما يدعو لنفسه
. انتهى مختصرًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني