الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.أنا شاب متدين و الحمد لله ,ذنبي هو أنني اقترضت مالا من البنك من أجل الزواج بفتاة أحببتها طمعا في الحلال و هروبا من المعصية, لأن متطللبات أبيها كانت كثيرة, تم الزواج والحمد لله, والآن أود إرجاع المال بالأرباح وذلك يتطلب خمس سنوات وهذا نوع من الربا . لم أكن أعلم بخطورة الأمر في السابق و الآن لست أدري ماذا يمكنني أن أفعله ليغفر لي ربي و تكون دعوتي مستجابة (أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة).حيرني هذا الأمر فالتجأت إلى حضرتكم علني أجد عندكم مخرجا من هذه الورطة و يغفر لي ربي وجزاكم الله خيرا. العبد المذنب محمد

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحرصك على الزواج لتعف نفسك عن الحرام أمر حسن، ولكن لجوءك إلى الربا لتلك الغاية خطأ كبير، فالربا من أشنع الآثام وكبائر الذنوب وهو إحدى الموبقات التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث الشيخين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا.... الحديث.

ومن وسائل العفة لمن لم يستطع الزواج الصوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. ومنها غض البصر، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [ سورة النور: 30]. ومنها الابتعاد عن أماكن السفه والفجور، ومصاحبة الصالحين والأبرار ونحو ذلك.

وما دام الأمر قد انقضى وفات فإن استطعت أن لا تقضي البنك أكثر من المال الذي اقترضت منه فافعل لأنه في الحقيقة لا يستحق عليك أكثر من ذلك، قال تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [ سورة البقرة :279].

وإن أكرهوك على تسديد الفوائد الربوية، فلا عليك ما دمت ندمت على الفعل وتبت توبة خالصة عازما أن لا تعود إلى مثله، ففي سنن ابن ماجة أن: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وقال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [ سورة طه :82].

وحري بذنبك هذا أن يغفر وتستجاب دعوتك ما دمت ارتكبت هذا الإثم عن جهل لما فيه من الإثم والسوء وبادرت إلى التوبة منه، قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً [ سورة النساء: 17]. ومن تاب الله عليه فإنه سيكون أهلا لأن تستجاب دعوته فلا داعي إلى القلق ما دامت التوبة قد حصلت فالتائب حبيب الله، والله جل وعلا لن يضيع أحباءه، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ [ سورة البقرة: 222].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني