الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتب باسم بنته الصغيرة بيتا قبل موته، فهل يجوز لها أخذه؟

السؤال

والدي، في حياته، كتب باسمي بيتًا من أملاكه الخاصة، علمًا بأنني كنت صغيرة (أقل من 18 سنة)، وذلك لأنه كان يخشى أن يحدث له شيء فأبقى دون ملجأ، حيث إنني أصغر إخوتي، كما أنني كنت من يتكفل برعايته. فهل يجوز لي أخذ البيت، نظرًا لأنه مسجل باسمي، أم يجب عليَّ إعطاء الورثة حقوقهم منه؟
أرغب، قبل كل شيء، في إبراء ذمة والدي. جزاكم الله خيرًا، وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد كتابة البيت باسم السائلة لا يعتبر هبة لها من والدها، إلا إن كان ملَّكها إياه، وقبضته في حياته، وإن كانت صغيرة لم تبلغ، فيكفي قبض الأب لها وفق ما بيناه في الفتوى: 106100.

وعلى ذلك، فإن كان الوالد قد ملّك السائلة البيت في حال صحته ورشده، وأقبضها إياه قبضًا صحيحًا وفق ما سبق بيانه، فالبيت ملك لها، وإن كان الأب قد أخطأ في عدم العدل في الهبة بين أبنائه.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا فاضل بين ولده في العطايا، أو خص بعضهم بعطية، ثم مات قبل أن يسترده، ثبت ذلك للموهوب له، ولزم، وليس لبقية الورثة الرجوع. هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم، والميموني، وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر، وبه قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأكثر أهل العلم. انتهى. والأفضل لمن فُضّل في الهبة دون مسوغ، ردها بعد موت الوالد، كما بينّا في الفتوى: 376210.

وأمّا إن كان الأب لم يملّك هذا البيت للسائلة، بل الأمر مجرد كتابة ورقة قانونية، تُمكِّن السائلة من أخذ البيت بعد وفاته، فهذا في حكم الوصية، والوصية لا تصح لأحد من الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني. وإن حصلت فلا تنفذ إلا برضا بقية الورثة، فإن لم يرضوا، فلا حقّ للموصَى له إلا بقدر نصيبه الشرعي من الميراث.

وعلى أية حال؛ فالفصل في مسائل الميراث والحقوق المشتركة لا يكتفى فيه بالسؤال عن بُعْدٍ، فالمفتي لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا. ويتأكد هذا في المسائل الشائكة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني