الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم أكل الحيوانات التي لم يأكلها النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: الجُرذ؟ وهل يوجد نص أو حديث يدل على ذلك؟ وفي أي من كتب السنة التسعة ورد تحديدًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الجُرذ نوع من أنواع الفأر، والفأر من ضمن الحيوانات التي يشرع قتلهن في الحرم، وهذا دليل على حرمة الأكل.

فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والفأر أنواع منها الجُرَذ بالجيم بوزن عُمَر، والخُلد بضم المعجمة، وسكون اللام، وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وفأرة الغيط، وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء. اهـ.

وقال الصنعاني في سبل السلام: وتسميتها فواسق؛ لأن الفسق لغة الخروج، ومنه: {ففسق عن أمر ربه} [الكهف: 50] أي: خرج ويسمى العاصي فاسقًا، لخروجه عن طاعة ربه، ووصفت المذكورة بذلك، لخروجها عن حكم غيرها من الحيوانات في تحريم قتل المحرم لها، وقيل: لخروجها عن غيرها من الحيوانات في حل أكله، لقوله تعالى: {أو فسقا أهل لغير الله به} [الأنعام: 145]، فسمى ما لا يؤكل فسقًا، قال تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} [الأنعام: 121]. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمس فواسق، يقتلن في الحل والحرم؛ الغراب، والحدأة، ‌والفأرة، والعقرب، والكلب ‌العقور". فهذه الخمس محرمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح قتلها في الحرم، ولا يجوز قتل صيد مأكول في الحرم؛ ولأن ما يؤكل لا يحل قتله إذا قدر عليه، وإنما يذبح ويؤكل. اهـ.

فتبيّن مما سبق أن الجُرذ من أنواع الفأر، وأنه لا يجوز أكله.

علمًا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يعاف من أكل بعض المباحات، كقصة امتناعه صلى الله عليه وسلم من أكل لحم الضبّ المشهورة، وراجع الفتوى: 67555.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني