السؤال
أخت من الجزائر تسأل: أنا أعمل بقطاع الصحة في إحدى الولايات، وبالتحديد في جناح الصيدلة، والمسؤولون هناك يأخدون الأدوية متى يشاؤون وفي أي وقت -أي يسرقون- وإذا ما ما صدهم أحد سرعان ما يخلقون له المشاكل فيطرد من العمل على الفور، عندما يأتي مريض إلى هنا، ويحدد الأطباء مدة مكوثه في المستشفى، مثلا 15 يوما، فيحضر الدواء اللازم لمكوثه فعادة ما يذهب المريض قبل أن يكمل مدته 10 أيام مثلاً، وهنا يقوم المسؤولون بأخذ ما تبقى من الدواء المخصص له، ثم يبيعونه في الفترة الأخيرة أصبحت أنا آخذ الدواء المتبقي عن مريض ما، وأقوم بأخذه دون علم أحد إلا الله، وأوزعه على المحتاجين حقا، أنا ما أفعله هو أني أكتب الدواء المتبقي على حساب المريض الخارج -أي كأنه قد تناوله حقا- وهو في الحقيقة لم يفعل، إن الذين أعطيهم الدواء أعلم علم اليقين أنهم محتاجون فعلا، ولا يملكون ما يشترون به الدواء فإذا تركت الدواء أخذه المسؤولون دون وجه الحق، فما حكم ما أفعله وبارك الله فيكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا السؤال لا يخلو من ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يوفر المستشفى الدواء اللازم للمريض مجاناً دون أن يحاسبه عليه، فما تركه المريض من الدواء في هذه الحالة هو ملك للمستشفى لا يجوز للأطباء أو للممرضين أو غيرهم أن يأخذوه، سواء كان ذلك بغرض بيعه، أو بغرض دفعه للفقراء، لأن هذا الدواء ملك للمستشفى لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنها، وكون بعض الأطباء يخونون الأمانة لا يبرر لغيرهم أن يخونوا، وعلى من علم خيانتهم أن يبلغ المسؤولين إن لم يخش ضررا على نفسه.
الصورة الثانية: أن يُلزَم المريض بدفع قيمة الدواء اللازم له، ثم يذهب المريض قبل أن يكمله، ويترك بعضه باختياره وعلمه فيُنظَر، فإذا كان المريض قد تركه للمستشفى، فلا يجوز للأطباء أو الممرضين أن يأخذوه، أما إن كان قد تركه لمن أخذه، فلا حرج على من أخذه وله أن يتصرف فيه بما شاء من بيع أو هبة، سواء أخذه الأطباء أو الممرضون أو غيرهم.
الصورة الثالثة: أن يترك المريض بعض الدواء دون علمه واختياره مع دفعه لقيمته، فلا يجوز لأحد في هذه الحالة أن يأخذ هذا الدواء والواجب رده إليه، لأنه ملك له.
والأصل فيما ذكرنا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29]، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني.
وحيث وجب رد الدواء إلى مستحقه، فالواجب رد عينه إن كان باقياً لم يتغير، وإلا وجب رد مثله أو قيمته إذا تعذر رد المثل، مع التوبة إلى الله تعالى.
والله أعلم.