الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من مصطلحات القرآن الكريم

السؤال

- ما الفرق (في القرآن) بين الضر، والعذاب، والبأساء، والأذى، والبلاء، والابتلاء؟ وما حال المسلم بين هذا كله؟ أشكر لكم سعة صدوركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الضر هو الشر وعكسه النفع والرحمة والخير، ويدل لهذا قول الله تعالى: [وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ](الأنعام: 17). وقوله: [قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ] (الزمر: 38).

وأما العذاب فهو العقوبة، وقد تكون بالقتل أو الجوع أو المصائب، وبكل هذا فسر قوله تعالى: [وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ] (المؤمنون: 76).

وأما البأساء فهي الفقر والشدة، وبذلك فسر قوله تعالى: [فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (الأنعام: 42).

وأما الأذى فهو كل ما يؤذي ويضر ضرا ليس بفاحش، سواء كان باللسان أو باليد، كإذاية المتصدق لمن تصدق عليه بالمن والقول المكروه، وإذاية اليهود للصحابة.

ويطلق على ما يكره ويستقذر، كإطلاقه على الحيض وعلى أذى القمل والجراح، وبهذا فسر قول الله تعالى: [قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى] (البقرة: 236) وقوله في المحيض: [قُلْ هُوَ أَذًى] (البقرة: 222). وقوله: [فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى] (البقرة: 196).

وأما البلاء والابتلاء فهو الاختبار، وبهذا فسر قوله تعالى: [وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ] (محمد: 31).

وأما حال المسلم فإن أصابه شيء من هذا فعليه أن يلجأ إلى الله تعالى ويصدق في التوبة والإنابة إليه ويستعيذ به من كل مكروه، وإن مسه أذى من الخلق وأمكنه الصبر والصفح فذاك أفضل، وإن رد على من ظلمه بقدر ظلمه فلا حرج في ذلك، لقول الله تعالى: [وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ] (الشورى: 40-41).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني