الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة المال المحجوز لدى البنك ولا يمكن قبضه إلا على دفعات شهرية

السؤال

لديَّ مبلغٌ من المال كنتُ قد ادَّخرته في البنك، ولكنَّه حُجِزَ فترةً من الزمن من قِبَل البنك بسبب ضائقةٍ اقتصادية في البلد.
ومنذ نحو سنةٍ بدأ البنك بتسديد الأموال المحجوزة على شكل دفعاتٍ شهرية، وهو حاليًّا يقوم بدفع (800$) شهريًّا.
والآن حان وقت الزكاة؛ فهل يجب أن أزكّي عن هذه السنة كاملَ المبلغ الموجود في البنك، أم أزكّي فقط المبلغ السنوي الذي حصلتُ عليه: (800$ × 12) = (9600$)؟
وهل يجب أن أفعل ذلك كلَّ سنة، أي أن أزكّي مبلغ (9600$) سنويًّا، لأنّي لا أملك القدرة على سحب أكثر من هذا المبلغ في السنة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمال المحجوز لدى البنك لقلّة السيولة لديه، يعامل معاملة الدين على المعسر، وقد اختلف الفقهاء في المال الذي لا يقدر صاحبه على الانتفاع به، لإعسار المدين أو نحوه، هل تلزم زكاته أم لا؟

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وأما الدين غير المرجو الأداء، فهو ما كان على معسر، أو جاحد، أو مماطل، وفيه مذاهب:
فمذهب الحنفية.. ورواية عن أحمد، وقول مقابل للأظهر للشافعي: أنه لا زكاة فيه لعدم تمام الملك؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به.
والقول الثاني: وهو .. رواية عن أحمد، وقول للشافعي هو الأظهر: أنه يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين، وذهب مالك إلى أنه إن كان مما فيه الزكاة يزكيه إذا قبضه لعام واحد، وإن أقام عند المدين أعوامًا. وهو قول عمر بن عبد العزيز، والحسن، والليث، والأوزاعي
. انتهى.

والأظهر ما ذهب إليه المالكية من أنه لا يزكى إلا لسنة واحدة بعد قبضه، وهو الذي رجّحه ابن عثيمين، قال في مجموع رسائله: أما إذا كان على مماطل، أو ‌معسر: فلا زكاة عليه، ولو بقي عشر سنوات؛ لأنه عاجز عنه، ولكن إذا ‌قبضه: يزكيه مرة واحدة في سنَة القبض فقط، ولا يلزمه زكاة ما مضى. انتهى.

وبهذا تعلم أنه لا تجب عليك زكاة ما لم تقدر على تسلّمه والتصرف فيه من مالك، وإنما تزكي ما قبضته منه لسنة واحدة.

فأخرج زكاة ما قبضته بمجرد قبضه، ولو كان دون النصاب، ما دام أصل المال نصابًا فأكثر، وقد مضى عليه حول قمري في ملكك، وهكذا كل شهر، في كل دفعة تستلمها.

ففي كشاف القناع مع أصله الإقناع: (فكلما قبض شيئًا) من الدين (أخرج زكاته) لما مضى (‌ولو ‌لم ‌يبلغ ‌المقبوض نصابًا)، حيث بلغ أصله نصابًا، ولو بالضم إلى غيره. انتهى.

هذا هو حكم زكاة ذلك المال المحجوز لدى البنك وما تستلمه من دفعات منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني