الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغواهما الشيطان فكادا أن يزنيا ثم ندما وتابا

السؤال

أنا اسمي أحمد وسني 23 سنة وكنت شخصاً طيباً طوال هذه السنين، أصلي وأصوم وأؤدي سنن الصلاة، وأحياناً أصلي في الجماعة وأنا من أسرة محترمة، وقد أنهيت دراستي الجامعية بتفوق ولازلت كذلك بفضل الله حتى تعرفت على فتاة على الإنترنت، ومضيت معها في علاقة غرامية وكنت أنوي أن أتقدم لأهلها لأتزوجها، وكنت دائماً أدعوها لقراءة القرآن وهي أحيانا كانت تحثنى على ذلك، وعلى فعل الأعمال الصالحة، وذات مرة سافرت تلك الفتاة إلى المصيف فأخذت إجازة من عملي وسافرت إليها وكنا نلتقي كل يوم مرة حتى وقعنا في الحرام كلانا، فهي شجعتني لثقتها بي وأنا لم أدر ماذا أفعل، لم أتخيل أنني قد أفعل هذا يوماًما ولكن هذا ما حدث، وأنا أبكي وأشعر بالندم على كل ما فعلت فهل ما كان بيننا وهو تقبيل الفرج ومصه يعتبر كالجماع، فأنا لم أعاشرها ولكن فقط التقبيل والمص لفرجي من جانبها ومباشرتها باليد من ناحيتي من غير جماع، إنني أعلم أن هذا حرام ومن الكبائر ولكن هل له نفس حكم الزنا ونفس العقوبة؟ إنني أحس بأنني قد دمرت حياتي وآخرتي ولا أستطيع أن أواجه الدنيا مرة أخرى، ونادم أشد الندم ولا أستطيع أن أواجه ربي ولا نفسي ولا أي إنسان، أفتوني من فضلكم ما الذي يجب أن أعمله الآن فالفتاة نادمة جداً، وأنا لا أعرف هل ينبغي أن أتقدم لخطبتها أم أنساها، إنها طيبة ومن أسرة طيبة مثلي ولكني أخطأت معها فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما وقع منكما أمر محرم شرعاً يستوجب التوبة الصادقة إلى الله عز وجل، وقد حذرنا ربنا تبارك وتعالى من خطوات الشيطان التي يستدرج بها العبد شيئاً فشيئاً حتى يوقعه في الفاحشة والعياذ بالله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21}.

وإن من خطوات الشيطان أن يقيم الإنسان علاقة مع فتاة خارج نطاق الزواج الشرعي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء. رواه البخاري، وقال أيضاً: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري.

كل ذلك قطعاً لخطوات الشيطان، فالواجب عليكما التوبة إلى الله عز وجل، واعلم أن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة العبد إذا كانت صادقة مهما عظمت ذنوبه، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وقال تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70}.

وقال تعالى في الحديث القدسي: يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. رواه الترمذي.

وبما أنك ندمت على ما فعلته فإنا نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك ويقبل توبتك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه. وانظر الفتوى رقم: 19812 لمعرفة شروط التوبة.

وقول السائل: هل له نفس حكم الزنا ونفس العقوبة؟ فالجواب: أن الزنا درجات وقد قال صلى الله عليه وسلم: كتب على بن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش -أي اللمس- والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

وما فعلتماه هذا من الزنا لكنه لا يصل إلى حد الزنا الذي يوجب لأن الزنا الذي يوجب الحد هو إيلاج الذكر في الفرج، وأخيراً ننصحك أن تقطع هذه العلاقة المحرمة بهذه الفتاة فوراً بل يجب عليك ذلك، وإذا كانت الفتاة نادمة وعلمت من حالها الاستقامة فلا مانع من أن تتقدم لخطبتها إذا كانت متصفة بالخلق والدين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني