الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي.. رؤية شرعية معاصرة

السؤال

ما حكم الإسلام في إنشاء صور للبشر أو الحيوانات باستخدام الذكاء الاصطناعي (AI)؟ وهل يُعَدّ هذا الفعل جائزًا أم ممنوعًا؟ وما الضوابط والشروط التي ينبغي مراعاتها إذا كان مسموحًا، ولا سيما في فقه الشافعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الذي نفتي به: أن إنشاء الصور الرقمية لذوات الأرواح عبر الذكاء الاصطناعي ونحوه، لا حرج فيه، وليس من التصوير المنهي عنه؛ فإنه لا واقع لها، وإنما تظهر من خلال أجهزتها الخاصة، إذا توفرت الشروط والمواصفات اللازمة لتشغيلها.

فليس هناك صورة حقيقية ثابتة. ولذا بعض الفقهاء السابقين استثنوا من تحريم التماثيل أمورًا عدة، تعتبر الصور الرقمية أهون منها وأخف بكثير.

مثل: صناعة التماثيل مما لا يبقى كالعجين والسكر ونحوه.

ومثل: نقصان عضو لا تتم الحياة إلا به، وبعضهم يرى أن الرسم على الورق ونحوه ليس بمحرم، بل مكروه تنزيهًا.

وهذه الأمور كلها أخف منها، وأيسر من الصور الرقمية على الأجهزة.

ومع عموم البلوى بالصور، وولع الناس بها، فإن التشديد في شأنها، والمسارعة في تحريم المستجدات المتعلقة بالتصوير، والتفنن في التفتيش عن أسباب المنع والحظر ليس هو الأولى.

وفتح باب الرخصة للناس بتقليد أقوال بعض العلماء فيما يُعلم أنهم فاعلوه غالبًا، ولن يلتزموا بفتوى التحريم: خير من إقدامهم عليه، وهم يظنون أنهم آثمون فيه.

وهذا من دقيق فقه الفتوى الذي يكاد يكون مهجورًا عند كثير من المفتين.

جاء في البحر المحيط للزركشي: وحكى ابن المنير عن بعض مشايخ الشافعية مِنْ غَلَبَةِ شَفَقَتِهِ عَلَى الْعَامِّيِّ إذا جاء يستفتيه -مثلاً- في حنث ينظر في واقعته، فإن كان يحنث على مذهب الشافعي ولا يحنث على مذهب مالك، قال لي: أفته أنت. يقصد بذلك التسهيل على المستفتي ورعًا.
وكان ينظر أيضًا في فساد الزمان، وأن الغالب عدم التقيد، فيرى أنه إن شدد على العامي ربما لا يقبل منه في الباطن، فيوسع على نفسه، فلا مستدرك ولا تقليد، بل جرأة على الله تعالى، واجتراء على المحرم...
فإذا علم أنه يؤول به إلى هذا الانحلال المحض، فرجوعه حينئذ في الرخصة إلى مستند، وتقليد الإمام أولى من رجوعه إلى الحرام المحض
. اهـ.

ومن الضوابط التي ينبغي أن تراعى: أن لا تشتمل الصورة على محرم، كسخرية من مسلم مثلاً، أو كإنشاء صور تظهر العورات، ونحو ذلك.

وانظر الفتويين: 479053، 500077.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني