الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من شروط صحة المعاملة المحتوية على قرض خلوها من نفع غير المقترض

السؤال

نحن مكتبُ سفرياتٍ نقدِّم خدماتِ السياحة والسفر. وقد تعاقدنا -بصفة تاجر- مع بعض البنوك التجارية على تفعيل خدمة "خطة السداد المرن" لعملاء البنك.
وتفصيل العملية على النحو الآتي: يتفق العميل صاحب البطاقة الائتمانية (Credit Card) مع مكتبنا على خدمة سياحية محدَّدة مع القيمة.
نقوم نحن بتجهيز الحجوزات المبدئية وفقًا للاتفاق، وعند الدفع نستخدم البطاقة الائتمانية الخاصة بالعميل على ماكينة نقاط البيع المخصَّصة للتقسيط، وهي إما ماكينة مستقلة أو جزء مخصَّص داخل جهاز الـ POS العادي الذي يوفِّره البنك لهذه الخدمة.
بعد إدخال المبلغ، يمنحنا البنك الموافقة على العملية، ويُخصَم المبلغ من الحد الائتماني المتاح للعميل.
ثم يقوم البنك بإيداع كامل المبلغ في المحفظة الإلكترونية الخاصة بنا -كتاجر- فورًا، ويحوِّله إلى حسابنا التجاري في اليوم التالي بعد خصم عمولته المتفق عليها (3.5%)، علمًا بأنه يتقاضى عمولة أيضًا على ماكينات السحب العادية.
أما العميل، فيلتزم أمام البنك بسداد المبلغ على 12 قسطًا شهريًا متساويًا، بقيمة الخدمة المتفق عليها معنا.
ونحن -كتاجر- لا نعلم، ولا يحق لنا أن نسأل عن نوع البطاقة التي يحملها العميل، سواء أكانت مغطاة أم لا، أو عن الضمانات التي أخذها البنك عليه.
وبذلك فإن تعاملنا يتم بيننا وبين البنك من جهة تسلُّم المبلغ، وبين البنك والعميل من جهة السداد. فهل تُصنَّف هذه المعاملة في باب إجارة الخدمات والمنافع الجائزة، حتى لو لم يُذكر ذلك صراحةً في العقد بيننا وبين البنك؟ وهل يجوز لنا التعامل بها شرعًا على هذه الصورة؟ مع العلم أن هذه الخدمة أصبحت ضروريةً جدًّا لنا، ولا نستطيع تعديل أيٍّ من بنود العقد مع البنك.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحقيقة هذه المعاملة أن عقد بيع الخدمة يكون بين التاجر والعميل، وأما البنك فيقوم بتمويل المعاملة فيدفع قيمتها معجلة، ثم يستوفيها من العميل على أقساط مؤجلة، ويأخذ عمولة من التاجر مقابل ذلك.

وقد جاء في قرار مجمع الفقه حول تلك العمولة ما يلي:
ب) جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد. انتهى.

وبالتالي؛ ينظر هنا: هل يحمل التاجر طالب التقسيط تلك العمولة في الثمن ضمنًا فيحرم ذلك، أو يبيعه بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد، فيجوز ذلك حينئذ؟.

ويمكنكم إجراء المعاملة عن طريق البنك، لكن: أن يشتري البنك الخدمة لنفسه أولًا، ثم يعيد بيعها للعميل، على صيغة المرابحة للآمر بالشراء، ويكون ربح البنك من الفرق بين سعر شرائه من التاجر، وسعر بيعه للعميل. وانظر للفائدة الفتوى: 518245، وما أحيل عليه فيها.

وأما قول السائل: (مع العلم أن هذه الخدمة أصبحت ضروريةً جدًّا لنا)، فهذا إنما يراعى عند وجود الضرورة، أو الحاجة التي تنزل منزلتها، مما يبيح الترخص وارتكاب المحاذير الشرعية.

وحدّ الضرورة عمومًا هي ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببها في الهلكة، أو أن تلحقه بسببها مشقة لا تُحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء. وراجع في ذلك الفتويين: 22567، 47389.

لكن إذا كانت المعاملة ذاتها مشروعة وفق ما بيناه سابقًا، فلا حرج فيها، وجدت حاجة إليها أم لا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني