الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للمبتلى بالبخر

السؤال

أرجو أن تجيبوني على سؤالي بتفصيل واهتمام ولكم جزيل الشكرأنا شاب أبلغ من العمر 35 عاما جامعي لم أتزوج بعد، ولن أتزوج قد تستغربون كلامي ولكن لي عذري فأنا ياسادة ابتلييت بالبخر وهو الرائحة الكريهة في الفم تلك العاهة التي قلبت حياتي وجعلتني منبوذا نعم منبوذ من كل الناس أو أنا حفاظا على كرامتي آثرت الابتعاد عن الناس، محافظ على صلاتي والحمد لله جماعة ولكن لا أذهب إلى المسجد حتي تقام الصلاة حتى لا أواجه أحدا يسألني أو يتحدث معي وأسرع إلى الخروج بعد انتهائها مباشرة وفي الصلاة لا أتكلم ببنت شفة أي لا أحرك شفتي وإنما كل ذلك سرا بقلبي فهل علي ذنب لاني لو حركت شفتي دون شك سأوذي المصلين أو الذين بجنبي وحتي الملائكة. يتهمونني بأني متكبر متعال وأنا والله ليس بي من ذلك شيء وإنما هو خوفا وبعدا من الإحراج الذي أصادفه من هذه العاهة فهل أنا مبتلى؟ وهل ينطبق علي الحديث: إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم؟ هل لي أجر حتى أحتسب؟ حتى أقربائي لا أستطيع الذهاب إليهم ومحادثتهم خوفا من هذا الإحراج، وطبعا أنا أعترف بالتقصير وأرجع ذلك إلى هذا الذي أعانيه. ثم بعد ذلك هل لي أن أعيش غير متزوج لأني لا أحب الظلم وهذا أعتبره أكبر ظلم للإنسانة التي سترتبط بي لأن أكره شيء عند المرأة هو البخر من الرجل فهل موقفي هذا معي حق فيه أي عدم الزواج وكيف لي العمل أو ماذا أصنع في حياتي وأنا شاب مكتمل الرجولة والرغبة الفطرية فانا الآن أمارس العادة السرية ومشاهدة الأفلام حتي أطفئ هذا العنفوان الفطري لكبت الشهوة والبعد عن الحرام وإذا قلتم لابد لي أن أتزوج فهل يجب أن أعلمها بحالتي وطبعا سيكون الرد جاهزا وهو عدم الموافقة وحتي لو تم فلن تقدر أن تصبر إذ أنها إنسانة ولها إحساس ولن أصبر أنا على ظلمها وكلما فكرت بهذا الموضوع تذكرت القصة المشهورة التي أفتى فيها عمر رضي الله عنه بتطليق الزوجة من زوجها للسبب ذاته الذي أعانيه وهو البخر فكيف لي العيش وأنا أعاني مثل هذا الوضع ثم أود إعلامكم بأنني أعاني من الكلام والاستهجان واللمز من قبل زملائي بالعمل ودائما مايقولون لي //مروح// أي صاحب الرائحة الكريهة ودايما ينادوني بذلك أمام الناس وكم من الإحراج الذي أعانيه فهل لي أجر في هذا وكيف العمل لأني دائم الصمت وأوافق أي أحد يناقشني على أي موضوع مهما كنت أعارضه كله من أجل أن أوافقه وأجاريه حتى لا أتكلم أمامه وأبين رأيي إذ أنا أعيش في جحيم لايطاق أبدا ألوذ بالبكاء وأتوسل إلى الله أن يشفيني لكن له حكمته في كل شيء بحثت عن الدواء في الداخل والخارج وصرفت جل مالي لكن لافائدة لذا قررت أن أعيش هكذا منبوذا لا أكلم أحدا ولا أختلط بأحد ولا أتزوج امرأة هذا قدري ونصيبي من الدنيا فاللهم لك الحمد أرجو منكم الإجابة الشافية الصافية على تساؤلاتي هذه كلها بكل تفاصيلها وكيف العمل وهل أنا على حق في هذا أم لا أرشدوني رجاء فكم فكرت وتمنيت الموت على هذا الوضع الذي أنا فيه ولكم جزيل شكري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجد، وأن يرزقنا وإياك العافية والسلامة.

وإننا لنحسب أن ما أنت فيه أمر يسير، وكل شيء على الله يسير، فنرشدك إلى أن تهون على نفسك, وأن تتوجه إلى ربك بخالص الدعاء، ولك أسوة بأيوب عليه السلام، فقد حكى الله عز وجل عنه قوله سبحانه: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ {الأنبياء:83-84}. فادع ولا تيأس، ولا تلتفت إلى سخرية زملائك منك، فقد يعظم في نفسك بسببها ما هو يسير في حقيقة الأمر، وينبغي أن تذكر هؤلاء الزملاء بالله تعالى، وبسوء عاقبة فعلهم، وأن عسى أن يعافيك الله ويبتليهم.

واعلم أن الله تعالى جعل لكل داء دواء، فقد ثبت في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل. فننصحك بكثرة استعمال السواك فهو مطهرة للفم ومرضاة للرب كما وردت بذلك السنة، واحرص على الطيب من المأكل، واجتنب الخبيث منه كالثوم والبصل، وينبغي أن تراجع أهل الاختصاص من الأطباء فيرجى أن تجد عندهم دواء.

وأما الزواج فاعلم أن ما أنت عليه ليس بأسوأ حالا ممن يتعاطى الدخان أو يأكل الثوم أو البصل، فالواحد منهما يتزوج وترضى به المرأة زوجا، ويعيش معها على أحسن حال تغليبا للمصالح، فلا يلزمك إعلام المرأة التي تريد الزواج منها بما بك من داء، ولا سيما وأن أكثر أهل العلم على أن بخر الفم ليس بعيب يثبت به الخيار. وراجع الفتوى رقم: 12610، وأقدم على الزواج، ولعل الله تعالى ييسره لك بإذنه سبحانه، فإن تيسر فالحمد لله، وإلا فعليك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه. ولا يجوز لك الإقدام على ممارسة العادة السرية، أو مشاهدة الأفلام الإباحية، لأن كليهما محرم، وراجع الفتويين: 7170 و 25078.

وبخصوص الصلاة فالأصل وجوبها عينا في جماعة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، والرائحة التي تؤذي المصلين ويتعذر التوقي منها تبيح التخلف عن صلاة الجماعة. وراجع الفتوى رقم: 11189.

وننبه إلى أن القراءة في الصلاة دون تحريك الشفتين واللسان لا تجزئ. وراجع الفتوى رقم: 18560 والفتوى رقم: 32416 ففيهما مزيد بيان.

وأما صلة الرحم فهي واجبة عليك، وهنالك كثير من الوسائل التي تتحقق بها هذه الصلة، ومنها: الزيارة، والاتصال الهاتفي، والإحسان ونحو ذلك. وراجع الفتوى رقم: 7683. فإن لم تتحقق الصلة بالزيارة إلا مع نوع من الحرج فاستخدم غيرها من الوسائل ولا تقطع رحمك.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني