السؤال
يكثر الحديث من بعض النصارى على هذا الحديث... حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو جميع سالم بن دينار عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد كان قد وهبه لها، قال وعلى فاطمة رضي الله عنها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك ويعتقدون أنه شبهة في حق الرسول الكريم.... فأرجو أن تمدوني برد شاف أستطيع به أن أفحم هؤلاء النصارى به...؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحديث الذي أشرت إليه رواه أبو داود ومعناه على ما ذكر أهل العلم هو: أن هذا الغلام كان صغيراً جداً، قال ابن كثير في تفسيره: وقد ذكر الحافظ ابن عساكر أن عبد الله بن مسعدة الفزاري كان أسود شديد الأدمة، وأنه قد كان النبي وهبه لابنته فاطمة فربته ثم أعتقته.انتهى، وقد قال تعالى في شأن إبداء النساء زينتهن للأطفال الصغار: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء {النور:31}
قال الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر: نظر العبد إلى سيدته.. صحح النووي التحريم، قال: هذه المسألة مما تعم بها البلوى ويكثر الاحتياج إليها والخلاف فيها مشهور، والصحيح عند أكثر أصحابنا أنه محرم لها كما نص عليه الشافعي، ونقل عن جماعة تصحيحه، وقال الشيخ أبو حامد: الصحيح عند أصحابنا أن لا يكون لها محرماً لأن الحرمة إنما تثبت بين الشخصين لم تخلق بينهما شهوة كالأخ مع الأخت وغيرهما، وأما العبد وسيدته فشخصان خلقت بينهما الشهوة، قال: وأما قوله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم، فقال أهل التفسير فيها المراد الإماء دون العبيد، وأما حديث أنس: أن النبي أتى فاطمة بعبد، فيحتمل أن يكون الغلام صغيراً. قال النووي: وهذا الذي رجحه أبو حامد هو الصواب، بل لا ينبغي أن يجري فيه خلاف بل يقطع بتحريمه، وكل منصف يقطع بأن أصول الشريعة تستقبح هذا وتحرمه أشد تحريم.
قال السبكي بعد أن اختار التحريم: إن تأويل الحديث على أنه كان صغيراً جداً لا سيما والغلام في اللغة إنما يطلق على الصبي، وهي واقعة حال ولم يعلم بلوغه فلا حجة فيه للجواز، والاحتمال في وقائع الأحوال يسقط الاستدلال. انتهى من الأشباه والنظائر بتصرف.
هذا هو توجيه الحديث الذي شرحه به أهل العلم وحملوه عليه، فأي شبهة فيه يتذرع بها النصارى أو غيرهم للنيل من عرضه صلى الله عليه وسلم، نسأل الله عز وجل أن يشرح صدورنا للإسلام وأن يثبتنا عليه.
والله أعلم.