الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صاحب العين الواحدة مثاب إذا صبر

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
سيدي الفاضل: قرأت حديثاً عن رسول الله صلى الله عيله وسلم عن رب العزة في حديث قدسي: أن الله تعالى قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة" هل يقصد الله سبحانه وتعالى بفقد البصر كلية أي العينين الاثنتين سيدي الفاضل أنا رجل سني 45 عاماً فقدت عيني اليمنى نهائياً وأصبحت والحمد لله بعين واحدة والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فهل صبري على ما أعطاني بها الله سبحانه وتعالى ينطبق على هذا الحديث أم هذا الحديث ينطبق على الضرير، وهل ما منحه الله سبحانه وتعالى لي هو غضب منه لي، سيدي الفاضل: أستأذنك في الرد على سؤالي هذا؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاء الحديث الذي ذكرته في صحيح البخاري وفي مسند الإمام أحمد، وجاء في الأدب المفرد للبخاري بلفظ: إذا أخذت كريمتيك فصبرت عند الصدمة واحتسبت.... وعند ابن حبان من حديث العرباض بن سارية: إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين لم أرض له ثوابا دون الجنة إذا حمدني عليهما. وأخرج الترمذي: إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة. ووردت روايات أخرى للحديث تفيد كلها الإصابة في العينين معا أي ذهاب البصر بالكلية، فلا يمكن تفسير هذا على أن المقصود به العين الواحدة، لأن مثل ذلك لا يمكن أن يقال بالاجتهاد، ولم يوجد نص يدل عليه.

وعليه فالحديث إنما يعني الضرير وليس يعني فاقد العين الواحدة، ولكن صاحب العين الواحدة مثاب أيضاً إذا صبر، وليس البلاء دليلاً على غضب الله، بل قد يكون كفارة للذنوب أو علوا في الدرجات، قال ابن حجر في فتح الباري عند شرح الحديث السابق: وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه، بل إما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب، أو لرفع منزلة، فإذا تلقى ذلك بالرضا تم له المراد، وإلا يصير كما جاء في حديث سلمان أن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا، وأن مرض الفاجر كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلا يدري لم عقل ولم أرسل، أخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني