الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المؤمن تجاه الابتلاء

السؤال

إنني أكتب لكم اليوم بعدما ضاقت بي السبل ولم أجد ما أفعل ولا كيف أتصرف أحاول بكل اختصار أن أضعكم في الصورة حتى تساعدوني. وأخبركم بأنها المرة الثالثة التي أعيد كتابة الرسالة فيها حيث في كل مرة أكتبها لا أوفق في إرسالها ومع ذلك صممت على مراسلتكم لثقتي فيكم وسبق أن راسلتكم بخصوص علاقتي بجاري ونصحتموني بالابتعاد وأنه مجرد ذئب وبالفعل وفقت في ذلك وهاهي مدة تزيد عن 5 أشهر أبعدته عني رغم أنه ما زال لحد اليوم يحاول. طلبت من الله أن يرزقني بالحلال لكن لا يبدو لي أمل لا أكذب عليكم لم أعد أستطيع التحمل ولا أقدر على الحياة لوحدي إني أفكر جديا في الارتباط برجل متزوج وله 5 أطفال ومقتدر طلبني من قبل لكني رفضت على أمل أن أرزق بخير منه واليوم وبعدما بدأت أفقد توازني فبعدما كنت أصلي بانتظام حتى صلاة الفجر وأتضرع لله وأدعوه وأستغفره وأدخل للمواقع الإسلامية لأتعلم وأسال عن أمور ديني وجدت نفسي اليوم ومنذ حوالي أسبوعين أدخل مواقع إباحية وأمارس العادة السيئة وعندما أنتهي أبكي وأستغفر لقد أخذت بنصيحتكم بتسجيل نفسي في مواقع الزواج لكن لم أوفق وقد استخرت الله قبل أن أسجل نفسي لا أدري لماذا لا أحد يريدني زوجة رغم أني جميلة ومؤدبة لا أدري لماذا يحصل معي هذا وكذلك نصحتموني بأن أطلب من أحد الصالحين أو الصالحات أن يجد لي زوجا وهذا أمر مستحيل لم يبق أمامي سوى هذا الرجل إن كان ما يزال يريدني فسأقبل لأنني أخاف على نفسي مما هو أكثر بالفعل أصبحت لا أحترم نفسي وأرى أني انسانة منافقة مع الله تستغفر وتصلي ثم ترتكب الذنوب مشكلتي شيخي الفاضل ليست في هل سيغفر الله لي أم لا فقد قرأت مقالة في موقعكم بعنوان (لو بلغت ذنوبك عنان السماء) المهم هو التوبة الصادقة ومن أين لي بها مأساتي أنني لم أعد أستطيع العيش لوحدي فعمري اليوم اثنان وثلاثون عاما ولا أرى شخصا يريد الارتباط ممن هو في مثل سني سوى إذا كان متزوجا بصراحة فقدت الأمل خاصة بعدما وقعت في الذنوب إني في حالة نفسية مزرية ولا أحد يحس بي أعاني لوحدي أحيانا كثيرة لا أجد إلا الحديث مع الله لكن سرعان ما أحس بأنه عقاب أو ابتلاء لم أوفق فيه إني أتحسر على حالي وأعلم جيدا بما ستنصحونني لكني يائسة فرجائي ياشيخي أن تدعو الله لي أن يهديني و يرزقني بالحلال ويغنيني بحلاله عن حرامه أرجو أن يسع صدركم الكريم لكل ما قلت وأن أكون قد وضعتكم في الصورة .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

نسأل الله أن يوفقك للخير، ونذكرك أيتها الأخت الكريمة بأن هذه الدنيا هي دار ابتلاء واختبار يمر فيها الإنسان بأنواع من الاختبارات، فهذا يبتلى بالفقر، وهذا بالمرض، وهذا بموت القريب والحبيب. والعاقل من عرف قيمة الدنيا وأنها دار عبور وممر، ومهما كثرت منغصاتها وعظمت مصائبها فإنها مع ذلك لا تستحق أن يتألم الإنسان من أجلها، وعلى العاقل أن ينظر إلى حال غيره ممن هو أشد بلاء منه، ويحمد الله على حاله. وتذكري حال عروة بن الزبير، فقد ذكر المزي -رحمه الله تعالى- في تهذيب الكمال في ترجمته أنه وقعت الآكلة في رجله، فقيل له: ألا ندعو لك طبيبا، قال: إن شئتم، فجاء الطبيب، فقال: أسقيك شرابا يزول فيه عقلك، فقال: امض لشأنك، ما ظننت أن خلقا يشرب شرابا ويزول فيه عقله حتى لا يعرف ربه، قال: فوضع المنشار على ركبته اليسرى ونحن حوله فما سمعنا له حسا، فلما قطعها جعل يقول: لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت. وما ترك حزبه من القراءة تلك الليلة.

فانظري إلى هذا الصبر على البلاء، وتذكر النعم وهو في تلك الحال، وعموما فنقول لك: إن بيدك سلاحا فعالا وإن تأخر أثره ألا وهو الدعاء، فأكثري من الدعاء، وتجنبي الذنوب وتوبي إلى الله منها. وننصحك بأن تقبلي بالزوج الصالح وإن كان متزوجا، فليس الزواج عيبا، ولذا فلا نرى مبررا لرفض الرجل المتزوج، واشغلي أوقاتك بفعل الطاعات وتلاوة القرآن ومطالعة الكتب النافعة ومجالسة النساء المؤمنات التقيات، فإن غفلت ذكرنك، وإن ذكرت كن عونا لك .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني