الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العمل عندما يؤخر المسؤولون الصلاة عن وقتها

السؤال

كنت قد سألتكم عن حكم تأخير صلاة الجماعة في الظهر في بلادنا إلى أن يقترب وقت العصر وجعل ذلك عادة حتى أنه لدينا مساجد متخصّصة بعضها بالظهر الأوّل وأخرى بهذا الذي أتحدث عنه، وذلك بحجة إعطاء فرصة لمن لا يستطيع الحضور في الجماعة الاُولى لنظام العمل أو الدراسة الذي هو حسب النظام الغربي فقلتم بجواز ذلك أي التأخير ولو بدون عذر، ولكن عرض لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنّ أَناسًا يأتون من بعده يأخّرون الصلاة حتى يخنقونها فسأله أحد الصحابة ماذا يفعل لو أدركهم فقال له تٌصلّي أوّل الوقت ثم تعيد معهم. فهل ينطبق هذا الحديث على حالتنا هذه، وما هو قولكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الذي سألت عنه رواه الإمام مسلم موقوفا على ابن مسعود، ولفظه: إنه سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة. كما رواه مسلم أيضاً موصولاً من حديث أبي ذر في رواية أخرى، قال النووي في شرح صحيح مسلم: معناه يؤخرونها عن وقتها المختار وهو أول وقتها لا عن جميعها، وقوله يخنقونها بضم النون معناه يضيقون وقتها ويؤخرون أداءها يقال هم في خناق من كذا أي في ضيق والمختنق المضيق، وشرق الموتى بفتح الشين والراء قال ابن الأعرابي: فيه معنيان: أحدهما: أن الشمس في ذلك الوقت وهو آخر النهار إنما تبقى ساعة ثم تغيب، والثاني: أنه من قولهم شرق الميت بريقه إذا لم يبق بعده إلا يسير ثم يموت.

قوله: فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، السبحة بضم السين وإسكان الباء هي النافلة، ومعناه صلوا في أول الوقت يسقط عنكم الفرض ثم صلوا معهم متى صلوا لتحرزوا فضيلة أول الوقت وفضيلة الجماعة ولئلا تقع فتنة بسبب التخلف عن الصلاة مع الإمام وتختلف كلمة المسلمين، وفيه دليل على أن من صلى فريضة مرتين تكون الثانية سنة والفرض سقط بالأولى، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا. انتهى.

وورد هذا الحديث موصولاً في سنن أبي داود وابن ماجه والنسائي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها، قلت: فما تأمرني يا رسول الله، قال: صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة. وهذا لفظ أبي داود.

وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وفي الحديث من الفقه أن تعجيل الصلوات في أوائل أوقاتها أفضل، وأن تأخيرها بسبب الجماعة غير جائز.... إلى أن قال: وفيه أنه قد أمر بالصلاة مع أئمة الجور حذرا من وقوع الفرقة وشق عصى الأمة. انتهى.

ويتضح من الحديث السابق أنه وارد في بعض ولاة الجور الذين يؤخرون الصلاة عن أول وقتها ولا تقوم جماعة في أول الوقت فطولب الناس بتعجيل الصلاة في أول وقتها، حفاظاً على فضيلة أول الوقت ثم يعيدون الصلاة مع أولئك الأمراء لتحصيل فضيلة الجماعة ومراعاة للمصلحة العامة وهي تجنب وقوع الفرقة بين المسلمين والحفاظ على وحدتهم.

وعليه فهذه الحالة لا تنطبق على الحالة التي ذكرت لأنه بإمكان أحدكم أداء الصلاة في أحد المساجد التي تؤدى فيها الصلاة أول وقتها ولا يترتب على ذلك أي ضرر، ولأن تأخير الصلاة في بعض المساجد فيه مصلحة كما ذكرت، وننبه على أن أداء الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، فعلى المسلم المواظبة على ذلك حتى يفوز بالثواب الجزيل المترتب على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 53395.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني