الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدب مع الأب واجب ولو كان الصواب في جانب الابن

السؤال

أنا أختلف مع والدي في أمور الدين حيث إنه يلتبس عنده الأمر بين الدين والمعتقدات وأحيانا كثيرة يصل الأمر إلى حد المشاجرة و الاتهام بالعقوق والصراع فيما بيننا وهذا من شدة خوفي عليه من الحساب مثال على الأشياء المختلف عليها يعتقد أن الإخلاص لله يعنى عنده الصلاة في المنزل وأن كل من يذهب للصلاة في المسجد هو مدعي وكاذب ومنافق فإذا قلت له إنها لم تثبت عن الرسول مع ذكر دليلي من الأحاديث يقوم بتأويلها كما يهوى ويدعى أنه قد وصل إلى رضا الله مستندا على أنه قد رأى في المنام رؤيا فتحققت وأنا لا أكذبه في تحقق الرؤيا ولكنى أخشى عليه تلبيس إبليس فبالرغم من حفظه للقرآن فإنه مدخن للسجائر بشراهة ولا يترك التلفاز للحظات وبالطبع إذا نصحته اتهمني أنني عديم الفهم الصحيح للدين ومتشدد وأحيانا متطرف علما بأنني لا أحفظ القرآن ولكنى قد قرأت الكثير من الكتب الدينية مما توضح هدى الرسول عليه الصلاة والسلام في معظم أمور الحياة لعلماء ثقة (مثل زاد المعاد وفقه السنة ورياض الصالحين والأدب المفرد) ولا أقول إنني علامة في الدين ولكنى أحب أن أبلغ عن الرسول ولو آية. وكل خوفي أنه في تمام الثقة من نفسه وأنه الوحيد الرجل الصالح الموجود في هذا العصر أو إذا كان هناك غيره فهم اثنان أو ثلاثة على أكبر تقدير وهذا و الله هو ما يظنه دون مبالغة نظرا لأنه قد رأى رويا للرسول أكثر من مرة ولكن من كان يظهر في الرؤية كان رجلا يلبس البيض من الثياب وعندما قلت له أوصفه قال إنه نور ولا تستطيع وصفه وأنه قال إنه الرسول وقد قرأت فتاوى أنه يجب أن نرى الرسول بأوصافه المعروفة وليس أي شيء أخر حتى نتأكد من صحة الرؤيا ملحوظة والدي في منتصف الستين من عمره وهو حافظ للقرآن كله وخريج أزهر فالرجاء إرشادي إلى طريقة أستطيع بها معالجة الأمر دون عقوق الوالدين وإرشاده إلى الصواب علما بأنه قد ظل على هذا المنهج طوال حياته وتعلمون أنه من الصعب جدا على الإنسان التغيير في هذا السن الكبير علما بأننا نعيش سويا فإذا رأيت البدعة أو الخطأ فماذا علي أن أفعل دون الوصول إلى المشاجرات وارتكابي للذنوب معه بهذه الطريقة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك إلى وجوب الأدب مع أبيك وحرمة رفع صوتك عليه ولو كنت محقا وكان الصواب في جانبك وانظر الفتويين التاليتين: 28372 50556، وأما بشأن قوله إن (كل من يذهب للصلاة فى المسجد هو مدع وكاذب ومنافق)، فيكفي في رده ما ورد في الشرع كتابا وسنة من الحث على صلاة الجماعة وبيان فضلها، ثم فعل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المؤمنين إلى يومنا هذا ، حتى عد الصحابة التخلف عنها نقاقا ، فكيف يكون الحرص عليها نفاقا ، وعموما فهذا قول متهافت زينه الشيطان لقائله ليكون من المتخلفين عن الجماعات.

ومن التزم بما أمر الله تعالى وبما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم وفق فهم صحيح معتبر لأهل العلم فليس متزمتا ولا متشددا ، أما من جعل من مسائل الخلاف السائغ أمورا يبدع بها ويفسق فذاك هو التشدد والتنطع المنهي عنه، وأما ظنه أنه الناجي وأن غيره الهالك فظن فاسد وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم رواه مسلم عن أبي هريرة.

وأما الاعتماد على الرؤيا لترك السنن والجماعات وسوء الظن بالمسلمين والمسلمات فلا يجوز، والرؤيا ليست مصدر تشريع ، بل تعرض الرؤيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما وافقهما عملنا به استئناسا وما من لم يوافقهما فهو مردود مرفوض، وأما بشأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فسبق الحديث عنها في الفتوى رقم: 9991

وأما كيف تفعل عندما ترى والدك على أمر تراه مخالفا للشرع ، فقم أولا بمعرفة حكم المسألة عند أهل العلم بسؤال فقيه عالم ورع، فقد تجد أن ما عليه والدك أمرا تظنه بدعة وليس كذلك ، فإن تبين لك أنه بدعة ، فاختر الأسلوب المناسب في عرض الحق إما بمناولته كلام أهل العلم في المسألة وإما بمخاطبته برفق ، وإما أن توكل أحد الصالحين بنصحه ، ولكن تذكر في كل ذلك ما ذكرناه سابقا من وجوب طاعته ، واللين له وعدم رفع الصوت عليه ، إلى غير ذلك مما يجب عليك اتجاهه ، فإن فعلت كل ذلك ولم يجد ، فصاحبه بالمعروف ، واحذر من الوقوع معه في المنكر الذي فعله .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني