الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غيرة الأم من زوج ابنتها وواجب البنت وزوجها لرأب الصدع

السؤال

أنا لدي حد معقول من الدين أؤدي حقوق الله على قدر المستطاع والحمد لله ولكن أشعر بشيء من غضب الله بسبب غضب أمي مني وذلك بسبب أنها عصبية جدا وغير قادرة على تحمل أبنائها أوالتسامح معهم ودائما ما تدعو علي أنا على وجه الخصوص ودائما أشعر بغيرتها علي من زوجي(عاقد قراني فقط) وبدون ما تشعر تقول لي ما يغضبني منه وما قد يسبب انفصالي عنه مع أنه الشخص الذي كانوا يريدون أن يزوجوني له أنا دائما أحاول أن أتحمل عصبيتها وإهانتها لي ولكنها لا تكف عن هذا ولذلك كثيرا ما ينفد صبري فأفعل ما يغضبها مني ثم تدعو عليوأنا أخشى عذاب الله وعقابهأرجو من سيادتكم النصيحة والدعاء لي بظهر الغيب

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أن الوالد هو أوسط أبواب الجنة، وأنك إن كنت راغبة في الجنة بحق فتحملي ما يصدر من أمك، واصبري عليها وإن ظلمتك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة لما علم أن له أماً: الزم رجلها فثم الجنة.

وقد جعل الله حق الوالدين بعد حقه سبحانه، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}.

وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

وقد حرم عقوق الأم فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات. رواه البخاري ومسلم.

وقال أيضاً: لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر. رواه أحمد والنسائي.

وبناءً على هذا، فاعلمي أنه يُخاف عليك من غضب الله إذا كانت أمك ساخطة عليك، واعلمي أن دعوات الوالد على الولد من الدعوات التي لاشك في استجابتها، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.

فلا تسيئي الأدب معها، ولا تتجرئي عليها، فتغضب عليك، ومن ثم تدعو الله عليك، وقد يستجيب الله دعاءها فتشقين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.

واعلمي أن غيرتها من زوجك ربما كانت ناشئة عن حبها العميق لك، وأنها رأت أنه يزاحمها فيك، فهي تريد الاستئثار بقلبك ومشاعرك.

وعلى هذا، فإننا نقدم لك النصائح التالية:

1/ إذا أردت أن يتغير أسلوب أمك معك فابدئي أنت بالتغيير، فأظهري حباً لها أكثر، وأكثري من ذكر محامدها ومآثرها وأنها مثلك الأعلى، وتذللي لها كما يتذلل العبد لسيده، وتذكري دائماً أنها جنتك ونارك!!

فابدئي صباحك بتقبيل رأسها ويدها، وقبلي رجليها بين الفينة والفينة، وابك بين يديها، وأكثري من نظر الحب والإشفاق إليها، فبعد فترة من الزمن ستتغير هي، لكن أنت البداية.

2/ تجنبي ذكر محاسن زوجك، ولا تثني عليه في وجودها، بل لا تذكريه أمامها أصلاً.

3/ اهدي لأمك هدية تحبها، وقدميها لها في وقت صفائها، وحبذا لو جعلت زوجك يفعل مثل ذلك.

4/ تضرعي إلى الله في أوقات الإجابة أن يفتح الله بين قلبك وقلبها، وأن يصلح ذات بينكما، وأن يعينك على برها، وأن يهديهكما لأحسن الأخلاق، وأن يعجل بزفافك، وتلمسي في ذلك أوقات الإجابة والتزمي آداب الدعاء، وانظري ذلك في الفتاوى: 23599، 17449، 32655، 8581.

وراجعي الفتويين: 21916، 20947.

فإن فيها مزيد بيان عن التعامل الشرعي مع الوالدين.

هذا، وننصحك بالتمسك بالدين والاستقامة عليه، واجتناب ما حرمه الله، فإن الموت يأتي فجأة، وتذهب اللذات، وتبقى الصحائف مملوءات بالسيئات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني