السؤال
لقد صلى الله على نبي واحد في القرآن وأمرنا أن نصلي عليه كما صلى هو والأنبياء والرسل والملائكة عليه ونحن نقول إن الله يقصد به سيدنا محمد... في حين أننا نقول في النصف الثاني من التشهد اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم فمن هو النبي المقصود في الآية هل هو سيدنا محمد أم سيدنا إبراهيم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56}، نزل في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس في إبراهيم عليه السلام، ويدل عليه أحاديث كثيرة منها ما أخرجه أحمد ومسلم عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له: بشير بن سعد أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم..
أما استشكال التشبيه للصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم بالصلاة على إبراهيم عليه السلام كما في بعض الروايات، أو آل إبراهيم كما في البعض الآخر مع أن المشبه دون المشبه به في الغالب، وهو أفضل من إبراهيم وآله، وقد أجاب عن ذلك الإمام الشوكاني في نيل الأوطار بأجوبة منها: أن المشبه مجموع الصلاة على محمد وآله بمجموع الصلاة على إبراهيم وآله، وفي آل إبراهيم معظم الأنبياء فالمشبه به أقوى من هذه الحيثية.
ومنها: أن التشبيه وقع لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا للقدر بالقدر.
ومنها: أن الصلاة عليه كانت ثابتة له، والسؤال إنما هو باعتبار الزائد عن القدر الثابت، وبانضمام ذلك الزائد المساوي أو الناقص إلى ما ثبت تصير أعظم قدراً.
ومنها: أن مراده صلى الله عليه وسلم أن يبقى له لسان صدق في الآخرين كإبراهيم.
ومنها: أنه كان ذلك منه قبل أن يعلمه الله أنه أفضل من إبراهيم....
ومنها: أنه من جملة آل إبراهيم وكذلك آله، فالمشبه هو الصلاة عليه وعلى آله بالصلاة على إبراهيم وآله الذي هو من جملتهم، فلا ضير في ذلك.
وننبه السائل أن جميع صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها لفظة سيدنا، وإنما الثابت في الأحاديث الصحيحة محمد فقط، وراجع الفتوى رقم: 969، والفتوى رقم: 15149.
كما ننبه السائل الكريم أن الآية ليس فيها صلاة الأنبياء على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما صلاة الله والملائكة.
والله أعلم.