السؤال
كثيرا ما يسول الشيطان لابن آدم بظلم أخيه، بالفعل أو القول، وقد يؤدي النزاع بين اثنين إلى مرحلة التشابك الجسدي وقد يكون أحد الطرفين أو كلاهما في يده ما يضر الآخر فيصيب عند التشابك أخيه والقصد يخفى وإن كانت الواقعة تحتمل كلا القصدين أعني العمد والخطأ معا وقد تحتمل شبه العمد عند من قال به من المذاهب .. وأضرب هنا مثالا : شخص يقر بأنه قد اشتبك مع آخر وقد كان كلاهما متسلح بسكين فبادره ذلك الشخص بطعنة في موضع من جسده، فرد عليه الطعنة بطعنة مثلها إلا أن ذلك الشخص حاول تفاديها ولكونه تحرك فقد أصابته الطعنة في مقتل .. ففي هذا المثال نجد القاتل بادر بالاعتراف بتسببه في مقتل المجني عليه لكنه ينفي تعمد القتل مبينا أنه كان يدافع عن نفسه ، وأنه لم يقصد إصابة المقتول في ذلك الموضع وإنما أصابته الطعنة فيه بسبب حركته ...
مثال آخر : اثنان تشابكا وكان في يد أحدهما مسدسا ونتج الاشتباك عن مقتل الآخر ، فالأول يقر بأن المسدس كان وقت الاشتباك في يده ، لكنه يقول بأنه كان يحمله خوف تعدي المقتول عليه وكان يريد أن يرتدع المقتول عندما يراه ، ألا أن المقتول بادر بالاشتباك معه فانطلقت رصاصة من المسدس أدت إلى حدوث القتل ، وهو يقول بأنها انطلقت بفعل من المقتول نفسه ، وقد يقول أيضا : أردت إطلاقها فوق رأس المقتول لكي أخيفه لكن أخطأت فأصابت رأسه .... وقد يقول : بأن المقتول استطاع انتزاع المسدس من يدي فخشيت أن يبادرني بإطلاق النار وعندما أردت الإمساك بيده ونزعه منه انطلقت رصاصة منه .... الخ
الخلاصة هي أني أسأل عن ما أورده فقهاء المذاهب المختلفة بشأن القتل ، وأنه كان من المتيسر في عصرهم معرفة أو الوقوف على قصد الجاني وهل كان يقصد العمد أو الخطأ بالنظر إلى أن الآلات في عصرهم بسيطة وتتطلب عدة حركات في الغالب يستنتج من ثبوتها بالإقرار أو الشهادة أن ذلك القتل كان عمدا أو خطا ، إذ من الصعب على القاتل أن يقول قتلته خطأ وفي جسم المقتول عدة طعنات أو ضربات بالسيف يقر بأنها منه ... خلافا لما الحال في عصرنا فيما يتعلق بالأسلحة النارية ، وخصوصا حال حدوث اشتباك بين الطرفين .
وعليه فآمل منكم التكرم بالإفادة في هذا الشأن ، مع الإحالة بقدر المستطاع ـ وألح بشأن هذا الأمر ـ إلى ما تقفون عليه من أقوال الفقهاء فيما يتعلق بحالات الالتحام أو الاشتباك بين الطرفين وما قد ينتج عنه من جروح أو قتل في حال ثبوت الواقعة بالإقرار أو الشهود مع خفاء القصد أو الدفع بأنه خطأ وليس عمدا ،،، وجزاكم الله خير جزائي الدنيا والآخرة .