الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يريد السلامة فليسلك مسالكها

السؤال

أنا فتاة مسلمة من اليمن، يتيمة الأب، أعيش مع أمي وأخي في بيت أقاربي يشاركنا السكن في هذا البيت شباب من أقاربنا وهذا يسبب لي الكثير من المتاعب وعدم الارتياح، عشت طفولة بائسة مليئة بالآلم والعذاب بعد وفاة أبي، حيث تعرضت لكل أنواع الأذى والإهانة من أقاربنا الذين نعيش معهم، فقد اعتدى علي أكثر من مرة من هؤلاء الشباب، ولكنني بتوفيق من الله كنت أفلت منهم في اللحظة الأخيرة، لم يكن لدي أي خيار، إما العيش في هذا البيت والسكوت على الأذى والإهانة أو أن ألقى أنا وأمي في الشارع، عشت هكذا سنوات طويلة حتى حصلت على قدر من التعليم مكنني أخيراً من الحصول على عمل، حيث حصلت على وظيفة في مؤسسة عسكرية تابعة لوزارة الداخلية، ولكن لسوء حظي صارت هذه الوظيفة كابوساً أحال حياتي إلى جحيم لا يطاق، حيث إنني وللأسف الشديد أعمل مع زملاء أقل ما يقال عنهم أنهم أناس منحطون لا أخلاق لهم، فهم يتحرشون بي ويؤذونني بكلامهم ونظراتهم ويريدون بي الشر وأن أنحدر معهم في مهاوي الرذيلة وطريق الضياع، أنا في حاجة لهذا العمل ولكن أنا بحاجة ماسة للحفاظ على ديني وشرفي، إنني أتعرض من أحد الضباط وهو المسؤول المباشر عني إلى كل أنواع التحرش ويطلب مني أن أنساق معه في طريق شهواته الشيطانية المقيتة وهو يستغل ضعفي وحاجتي للوظيفة، لقد فكرت أن اشتكي به، ولكن سوف أكون أنا الخاسرة حيث إنه ضابط في وزارة الداخلية ولن يصدقني أحد بل سوف أجد نفسي أنا المتهمة وقد يعرضني هذا للوقوع تحت طائلة العقاب من قبله، أنا حائرة هل أصبر على الأذى وأتحمل هذا العذاب في سبيل الحفاظ على الوظيفة، أنا خائفة على نفسي من هؤلاء الأشرار حيث إن بقائي معهم قد يلحق الأذى بي وفي نفس الوقت أخاف إن تركت العمل أن أخسر هذه الوظيفة، أفيدوني بالنصح؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يفرج عنك همك ويكشف كربك وأن يثبتك على العفاف والدين، واعلمي أن عاقبة الصبر الفرج، وأن مع العسر يسراً، قال الله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {الشرح:5-6}، وفي الحديث: أن النصر مع الصبر، وأن الفرج من الكرب، وأن مع العسر يسرا. رواه أحمد.

وينبغي لمن يريد السلامة أن يسلك مسالكها، وليس من مسالك سلامة الدين والخلق والعفة للمرأة أن تعمل في جو مختلط فاحش كهذا الجو الذي تعملين فيه، وعفتك ودينك خير من الدنيا بأسرها، فلأن تعيشين على الخبز والماء خير من أن تفقدي أعز ما لديك وأغلى ما عندك، فالمتعين عليك إذاً ترك هذه الوظيفة فوراً والبحث عن وظيفة أخرى لا تجر عليك كل هذا البلاء، وثقي بأن الله تعالى إن علم منك صدقاً أنه لن يتركك وسييسر لك عملاً أو زوجاً ينفق عليك ويعوضك عن آلامك ومعاناتك السابقة، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، كما ننصحك بالاستعانة بالخيرات من النساء فإنهن نعمة في الرخاء وعدة في البلاء، فاستشيريهن واعرضي عليهن أمرك، ولن تعدمي في بلد الإيمان والحكمة من يقف معك ويعينك على الخروج من هذه الضائقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني