الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النهي عن ذكر المعصية للآخرين

السؤال

والله إني لأكاد أموت من الخوف أن يحل بي غضب الله وأنا أكتب هذا السؤال لما اقترفته يداي من إثم عظيم في حق الله وحق نفسي فأنا شاب أعزب من بيت كريم لم أقرب الحرام قط ولكن تغلب علي الشيطان ووقعت في الزنا للمرة الأولى في حياتي لم أستطع الزواج بسبب ضعف إمكاناتي المادية واني والله أعيش في كرب عظيم فهل لي من توبة؟ وهل أطبق حد الله علي ؟ حتى أرتاح مما أنا فيه ولقد والله فكرت أن أسر لأخي بذنبي الكبير وأطلب منه أن يطبق حد الله علي بالجلد لأننا في بلد لا يطبق شرع الله ولكني آثرت الانتظار على مضض حتى أسمع إجابتكم على سؤالي . فبالله عليكم أن تعجلوا لي بالا جابه قبل أن يعجل الله علي بغضبه وقد أصابني الرعب والقنوط حينما سمعت حديث رسول الله عليه السلام ( الزاني يزنى بأهله ولو بعد حين)
أفيدوني أفادكم الله والله إني أكره نفسي وأكاد أقتلها لولا خوفي من لقاء الله فأريحوني من حيرتي ويأسي أراحكم الله ماذا أفعل؟؟ وأنا أشعر بغضب الله يكاد ينزل بي

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ويحصن فرجك ويُكرِّه إليك الكفر والفسوق ويجعلك من الراشدين.

ثم اعلم أخي أن من رحمة الله تعالى بعباده ولطفه بهم أنه لما جبلهم على اقتراف الذنوب والمعاصي وعدهم -ووعده حق- بأنه من تاب منهم ورجع عن ذنبه فإنه يتوب عليه. قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. وقال سبحانه بشأن التائب من الشرك وقتل النفس والزنا: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {68-70}.

وفي الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي وصححه الألباني.

فبادر أيها الأخ الكريم إلى التوبة النصوح، ومن شروطها: الإقلاع عن الذنب في الحال والندم على ما فات وعقد العزم على عدم العود إليه، فإذا كانت توبتك على هذا النحو فأبشر برحمة الله وفضله.

ولتكثر من الأعمال الصالحة، فإن ربك سبحانه يقول: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا {طه: 82}.

ومن أهم ذلك المحافظة على الصلوات في الجماعة وكثرة ذكر الله عز وجل، ومما يقوي هذه التوبة المسارعة إلى الزواج ومصاحبة أهل الفضل والصلاح ومجانبة أهل الفسق والفجور وترك الأمور التي تثير الشهوة ومن جملتها مشاهدة صور النساء في الجرائد ووسائل الإعلام المرئية من تلفزة وإنترنت وغيرها.

هذا، وننبهك إلى أن ما فعلته من الستر على نفسك وعدم إخبار الغير بما فعلت من معصية هو الصواب، فاستر أخي على نفسك ولا تخبر بما جرى أحدا، لأن الشرع نهى عن المجاهرة بالمعصية، ومن المجاهرة ذكرها للغير كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري وغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني