الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين (فَانْكِحُوا) و (أَنْ أُنْكِحَكَ).

السؤال

الآية الثالثة في سورة النساء: (فانْكِحوا) الآية 27 في سورة القصص: (أُنكِحَكَ) أفهم من ذلك أن أَنْكِحوا تعني: زَوِّجوا اليتامى (ذكوراً وإناثاً) ولا تعني تَزَوَّجوا أنتم هل أنا على صواب أم ضلال

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز الإقدام على تفسير القرآن الكريم بالرأي المجرد من غير بصيرة بلسان العرب وأساليب كلامهم، ومعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وكلام السلف والخلف. قال السيوطي رحمه الله تعالى: أجمعوا على حظر تفسير القرآن بالرأي من غير لغة ولا نقل. اهـ.

وقد استدل العلماء على ذلك بقوله سبحانه: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. وبما رواه أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار. وقوله: من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ. رواه أبو داود والنسائي.

وبهذا تعلم خطورة الإقدام على تفسير القرآن بالرأي، ومنه قولك في تفسير الآيتين اللتين سألت عنهما، إذ معنى "انكحوا" في آية النساء: تزوجوا. قال في لسان العرب: نكح فلان امرأة ينكحها إذا تزوجها. قال الأعشى في نكح بمعنى تزوج.

ولا تقربن جارة أن سرها * عليك حرام فانكحن أو تأبدا

الأزهري: وقوله عز وجل: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ {النور: 3} تأويله: لا يتزوج الزاني إلا زانية، وكذلك الزانية لا يتزوجها إلا مشرك. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 10994.

وأما قوله سبحانه في آية القصص: أَنْ أُنْكِحَكَ. فمعناه أن أزوجك.

قال في لسان العرب: وأنكحه المرأة زوجه إياها.

وبهذا يتبين لك الفرق بين الفعلين في الآيتين، وأن نكح يختلف عن أنكح، فنكح متعد لفعل واحد. وقوله تعالى:(فَانْكِحُوا) في سورة النساء فعل أمر من نكح. وأما قوله تعالى: (أَنْ أُنْكِحَكَ). فهو متعد لمفعولين، وهو مضارع ماضيه أنكح، بهمزة القطع.

على أن ما توهمه السائل فاسد من جهة المعنى أيضا، وذلك أنا لو سلمنا له أن معنى(فَانْكِحُوا) تزوجوا اليتامى ذكورا وإناثا يبقى ما تعلق بالفعل من قوله تعالى: مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ إلى آخر الآية. وهو أمر واضح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني